للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من شَرطهَا صفو الوداد وَصِحَّة النِّيَّة وَلم يُوجد ذَلِك فحنثهم فِي الْيَمين قد تحقق وبرئت أَنْت من الْعهْدَة فاقصد الْبِلَاد فَإِنَّهَا فِي يدك قبل أَن يحصل فِي الدولة من الْفساد مَا لَا يُمكن تلافيه وَبينا هُوَ فِي ذَلِك إِذْ فَارق الْأَفْضَل الْأَمِير شمس الدّين أيدمر بن السلار وصل إِلَى الْعَزِيز فساعد الْأَمر أُسَامَة على قَصده ثمَّ وصل أَيْضا إِلَى الْعَزِيز القَاضِي محيي الدّين أَبُو حَامِد مُحَمَّد بن الشَّيْخ شرف الدّين عبد الله بن هبة الله بق أبي عصرون فاحترمه وولاه قَضَاء الديار المصرية وَضم إِلَيْهِ نظر الْأَوْقَاف. وَأَقْبل الْأَفْضَل بِدِمَشْق على اللّعب ليله ونهاره وتظاهر بلذاته وفوض الْأُمُور إِلَى وزيره ثمَّ ترك اللّعب من غير سَبَب وَتَابَ وأزال الْمُنْكَرَات وأراق الْخُمُور وَأَقْبل على الْعِبَادَة وَلبس الخشن من الثِّيَاب وَشرع فِي نسخ مصحف بِخَطِّهِ وَاتخذ لنَفسِهِ مَسْجِدا يَخْلُو فِيهِ بِعبَادة ربه وواظب على الصّيام وجالس الْفُقَرَاء وَبَالغ فِي التقشف حَتَّى صَار يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل. وَأما الْعَزِيز فَإِنَّهُ قطع خبز الْفَقِيه الْكَمَال الْكرْدِي من مصر فأفسد جمَاعَة على السُّلْطَان وَخرج إِلَى الْعَرَب فَجمع وَنهب الْإسْكَنْدَريَّة فَسَار إِلَيْهِ الْعَسْكَر فَلم يظفروا بِهِ. وَقطع الْعَزِيز أَيْضا خبز الْجنَاح وعلكان ومجد الدّين الْفَقِيه وَعز الدّين صهر الْفَقِيه فَسَارُوا من الْقَاهِرَة إِلَى دمشق فأقطعهم الْملك الْأَفْضَل الإقطاعات. وَفِي شهر رَمَضَان: كسر بَحر أبي المنجا بعد عيد الصَّلِيب بسبعة أَيَّام وتجاهر النَّاس فِيهِ وَفِيه وَقعت الآفة فِي الْبَقر وَالْجمال وَالْحمير مهلك مِنْهَا كثير. وَفِيه كثر حمل الْغلَّة من الْبحيرَة إِلَى بِلَاد الْمغرب لشدَّة الغلاء بهَا وَكَثُرت بَين الْأُمَرَاء إِشَاعَة أَن إقطاعاتهم تُؤْخَذ مِنْهُم فقصروا فِي عمَارَة الْبِلَاد. وارتفع السّعر بالإسكندرية وَنقص مَاء النّيل بَعْدَمَا بلغ اثْنَيْنِ وَعشْرين إصبعا من سَبْعَة عشر ذِرَاعا فَرفعت الأسعار وشرقت الْبِلَاد وَبلغ الْقَمْح كل أردب بِدِينَار وَأخذ فِي الزِّيَادَة وَتعذر وجود الْخبز وضج النَّاس وَكَثُرت الْمُنْكَرَات وغلا سعر الْعِنَب لِكَثْرَة من يعصره. وأقيمت طاحون لطحن الْحَشِيش بالمحمودية وحميت بيُوت المزر وَجعل عَلَيْهَا ضَرَائِب فَمِنْهَا مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْيَوْم سِتَّة عشر دِينَارا وَمنع من عمل المزر البيوتي وتجاهر الكافة بِكُل قَبِيح فترقب أهل الْمعرفَة حُلُول الْبلَاء. وفيهَا قدم رَسُول متملك الْقُسْطَنْطِينِيَّة يطْلب صَلِيب الصلبوت فأحضر من الْقُدس

<<  <  ج: ص:  >  >>