للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرْمونَ الأشرفية بالنشاب إِلَى قرب الْعَصْر والعامة تجمع نشابهم وتعطيه لأجناد الْأُمَرَاء المحاصرين للقلعة. فَألْقى حِينَئِذٍ قوصون بيدَيْهِ واستسلم وَدخل عَلَيْهِ مماليكه وَقد خذلوا فَدخل عَلَيْهِ بلك الجمدار وملكتمر السرجواني يأمرانه أَن يُقيم فِي مَوضِع حَتَّى يحضر ابْن أستاذه من الكرك فيتصرف فِيهِ كَمَا يخْتَار فَلم يجد بدا من الإذعان وَأخذ يُوصي الْأَمِير جنكلي على أَوْلَاده. وَأخذ قوصون وَقيد ومضوا بِهِ إِلَى البرج الَّذِي كَانَ بِهِ بشتاك ورسم عَلَيْهِ جمَاعَة من الْأُمَرَاء. وَكَانَ الَّذِي تولى مسكه وحبسه أرنبغا أَمِير جندار وَأما ألطنبغا الصَّالِحِي نَائِب الشَّام وَمن مَعَه فَإِن برسبغا ويلجك والقوصونية لما فارقوه سَار هُوَ وأرقطاي نَائِب طرابلس والأمراء يُرِيدُونَ القلعة. فَأَشَارَ الْأَمِير ألطنبغا نَائِب الشَّام على الْأَمِير أرقطاي نَائِب طرابلس أَن يرد برسبغا ويلجك والقوصونيه وبقالل أيدغمش فَإِنَّهُ يَنْضَم إِلَيْهِم جَمِيع حَوَاشِي قوصون وَيَأْخُذُونَ أيدغمش وَيخرجُونَ قوصون ويقيمونه كَبِيرا لَهُم ويخرجونه إِلَى حَيْثُ يخْتَار ويقيمون سُلْطَانا أَو ينتظرون قدوم أَحْمد فَلم يرافقه أرقطاي لعفته عَن سفك الدِّمَاء. فَلَمَّا وافيا تَحت القلعة وأيدغمش وَاقِف فِي أَصْحَابه أقبل إِلَيْهَا أيدغمش وعانقهما وَأَمرهمَا أَن يطلعا إِلَى القلعة فطلعا. وَأمر أيدغمش فَقبض على ابْن المحسني وَالِي الْقَاهِرَة وأحضره والأمراء واقفون تَحت القلعة فأنزله عَن فرسه وسجنه بالقلعة بَعْدَمَا كَادَت الْعَامَّة أَن تقتله لكَونه من جِهَة قوصون ثمَّ أرسل أيدغمش الْأَمِير آقسنقر والأمير قازان فِي عدَّة مماليك وَرَاء برسبغا ويلجك وَمن مَعَهُمَا. وَجلسَ أيدغمش مَعَ ثقاته من الْأُمَرَاء وَقرر مَعَهم تسفير قوصون فِي اللَّيْل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَالْقَبْض على ألطنبغا الصَّالِحِي نَائِب الشَّام وأرقطاي نَائِب طرابلس وَمن يلوذ بهما من الْغَد وتسفير الْأَمِير بيبرس الأحمدي والأمير جنكلي بن البابا لإحضار السُّلْطَان من الكرك. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سلخه: خرج الحصني بواب الْمدرسَة الصالحية تجاه بَاب المارستان وَقت الصُّبْح بإعلام خليفتية ومصحف على رَأسه وَهُوَ يُنَادي بِصَوْت عَال: يَا مُسلمين قَاض يفعل كَذَا بنساء الْمُسلمين من غير كِنَايَة وَيَأْكُل الْحَشِيش هَذَا لَا يحل. فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ وَمضى بهم إِلَى بَيت قَاضِي الْقُضَاة حسام الدّين الغوري الْحَنَفِيّ بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية وكسروا بَابه ودخلوا عَلَيْهِ. ففر مِنْهُم حسام الدّين إِلَى السَّطْح وَهُوَ فِي أَثَره وَقد نهبوا جَمِيع مَا عِنْده حَتَّى خشب الرفوف حَتَّى وجدوه فضربوه ونتفوا لحيته وَهُوَ يعدو إِلَى أَن خرج من الْبَيْت. واستجار حسام الدّين بقاضي الْقُضَاة موفق الدّين الْحَنْبَلِيّ فأجاره وَأدْخلهُ دَاره وَأقَام الْحَنَابِلَة على بَابه لمنع الْعَامَّة مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>