للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النهب فمازالوا حَتَّى فتحوها ونهبوها وسلبوا الرِّجَال وَالنِّسَاء ثِيَابهمْ فَلم يدعوا لأحد شَيْئا وَقَطعُوا بسطها وكسروا رخامها وخربوا بركتها وأخذو الشبابيك وخشب السقوف والمصاحف وشعثوا الْجدر. ثمَّ مضوا إِلَى بيُوت مماليك قوصون وهم حشد عَظِيم فنهبوها وأحرقوها وَمَا حولهَا حَتَّى بِيعَتْ الْغلَّة بِسِتَّة دَرَاهِم كل أردب من الْقَمْح وتتبعوا حَوَاشِي قوصون بِالْقَاهِرَةِ والحكورة وبولاق والزريبة وبركة قرموط وَغير ذَلِك وَبَاعُوا الْأَمْتِعَة والأواني وَالثيَاب بأبخس ثمن وصاروا إِذا رَأَوْا نهب أحد قَالُوا هُوَ قوصوني فللحال يذهب جيع مَاله. وزادت الأوباش حَتَّى خَرجُوا عَن الْحَد وَشَمل الْخَوْف كل أحد فَقَامَ الْأُمَرَاء على أيدغمش وأنكروا عَلَيْهِ تَمْكِين الْعَامَّة من النهب فَأمر بسبعة من الْأُمَرَاء فنزلوا إِلَى القاهره والعامة مجتمعة على بَاب الصالحية فِي نهب بَيت قَاضِي الْقُضَاة حسام الدّين الغوري فقبضوا على عدَّة مِنْهُم وضربوهم بالمقارع. وأشهروهم فانكفوا عَن النهب. وَفِي لَيْلَة الْخَمِيس: أخرج الْأَمِير قوصون من سجنه بالقلعة فِي مائَة فَارس حَتَّى ركب النّيل وَمضى إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة. وَكَانَ قوصون فِي أول أمره على حَاله وَفِي أوسطه وأخره من أَعَاجِيب الزَّمَان وَمِمَّا قيل فِيهِ: فحطه فِي الْقَيْد أيدغمش من شَاهِق عَال على الطَّائِر وَلم يجد من ذلة صاحباً فَأَيْنَ عين الْملك النَّاصِر صَار عجيباً أمره كُله فِي أول الْأَمر وَفِي الآخر وَفِي يَوْم الْخَمِيس أول شعْبَان: خلع السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف كجك من السلطة وَكَانَت مدَّته خَمْسَة أشهر وَعشرَة أَيَّام لم يكن لَهُ فِيهَا أَمر وَلَا نهي وتدبير أُمُور الدولة كلهَا إِلَى قوصون. وَكَانَ إِذا حضرت الْعَلامَة أعْطى قَلما فِي يَده وَجَاء فقيهه الَّذِي يقرئ أَوْلَاد السُّلْطَان فَكيف الْعَلامَة والقلم فِي يَد السُّلْطَان. السُّلْطَان شهَاب الدّين أَحْمد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر شهَاب الدّين أَحْمد بن النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون الصَّالِحِي أمه اسْمهَا بَيَاض كَانَت تجيد الْغناء وَكَانَت من عُتَقَاء الْأَمِير بهادر آص رَأس نوبَة. وَكَانَت شهرتها قَوِيَّة وَلها بِالنَّاسِ اجتماعات فِي مجَالِس أنسهم. فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد خَبَرهَا اخْتصَّ بهَا وحطت عِنْده فَولدت أَحْمد هَذَا على فرَاشه. ثمَّ تزَوجهَا الْأَمِير ملكتمر السرجواني وَقد مضى من أخباره جملَة. فَلَمَّا استولى الْأَمِير

<<  <  ج: ص:  >  >>