وَكَانَ السُّلْطَان لما بلغه هروب قطلوبغا الفخري تنكر على الْأُمَرَاء واتهمهم بالمخامرة عَلَيْهِ وهم أَن يمسكهم فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ تَاسِع عشريه فَتَأَخر عَن الْخدمَة الجاولي وَجَمَاعَة فَلَمَّا كَانَ وَقت الظّهْر بعث السُّلْطَان لكل أَمِير أَرْبَعِينَ طَائِر أوز وَسَأَلَ عَنْهُم ثمَّ بعث أخر النَّهَار إِلَيْهِم بأمرهم أَن يطلعوا من الْغَد. فَقدم بكا عَشِيَّة يَوْم الثُّلَاثَاء مستهل ذِي الْحجَّة وَمَعَهُ سيف قطلوبغا الفخري فسر السُّلْطَان بذلك وَكتب بِحمْلِهِ إِلَى الكرك. فَلَمَّا طلع الْأُمَرَاء إِلَى الْخدمَة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ترضاهم وبشرهم بمسك قطلوبغا الفخري ثمَّ أخْبرهُم أَنه مُتَوَجّه إِلَى الكرك وَأَنه يعود بعد شهر. وَكَانَ السُّلْطَان قد تجهز إِلَى الكرك فَأخْرج فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء طشتمر حمص أَخْضَر فِي محارة بقيده وَمَعَهُ جمَاعَة من المماليك السُّلْطَانِيَّة موكلون بحفظه وَعين مَعَ الْمُقدم عنبر السحرتي عدَّة من المماليك. وَتقدم السُّلْطَان إِلَى الْخَلِيفَة بَعْدَمَا ولاه نظر المشهد النفيسي عوضا عَن ابْن الْقُسْطَلَانِيّ أَن يُسَافر مَعَه إِلَى الكرك. ورسم لجمال الكفاة نَاظر الْخَاص والجيش ولعلاء الدّين على بن فضل الله كَاتب السِّرّ أَن يتوجها مَعَه إِلَى الكرك وَركب مَعَه الْأُمَرَاء من قلعة الْجَبَل يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِيه بَعْدَمَا ألبس ثَمَانِيَة من المماليك خلع الإمريات على بَاب الخزانة. وخلع السُّلْطَان على آقسنقر السلاري وَقَررهُ نَائِب الْغَيْبَة وخلع على شمس الدّين مُحَمَّد بن عَدْلَانِ وَاسْتقر قَاضِي الْعَسْكَر وخلع عَليّ زين الدّين عمر بن كَمَال الدّين عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر البسطامي وَاسْتقر بِهِ قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة عوضا عَن حسام الدّين الغوري. فَلَمَّا قَارب السُّلْطَان قبَّة النَّصْر خَارج الْقَاهِرَة وقف حَتَّى قبل الْأُمَرَاء يَده على مَرَاتِبهمْ وَرَجَعُوا عَنهُ. فَنزل عَن فرسه وَلبس ثِيَاب العربان وَهِي كاملية مفرجة وعمامة بلثامين وساير الكركيين وَترك الْأُمَرَاء الَّذين مَعَه وهم قماري والحجازي وَأَبُو بكر بن أرغون النَّائِب مَعَ المماليك السُّلْطَانِيَّة والطلب. وَتوجه السُّلْطَان على الْبَريَّة إِلَى الكرك وَلبس مَعَه إِلَّا الكركيين ومملوكين وهم فِي أَثَره فقاسوا مشقة كَبِيرَة من الْعَطش وَغَيره حَتَّى وصلوا ظَاهر الكرك وَقد سبقهمْ السُّلْطَان إِلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute