وَأَن يَسْتَدْعِي مماليك بشتاك وقوصون وينزلهم بالأطباق من القلعة ويقطعهم إقطاعات بالحلقة ليصيروا من جملَة المماليك السُّلْطَانِيَّة خوفًا من حَرَكَة طشتمر النَّائِب فعارض طشتمر السُّلْطَان فيهم فرتب السُّلْطَان عدَّة مماليك بداخل الْقصر للقبض عَلَيْهِ. وَكَانَ مِمَّا جدد طشتمر فِي نيابته أَن منع الْأُمَرَاء أَن تدخل إِلَى الْقصر بمماليكها وَبسط من بَاب الْقصر بسطاً إِلَى دَاخله فَكَانَ الْأَمِير لَا يدْخل الْقصر وَقت الْخدمَة إِلَى مبفرده فَدخل هُوَ أَيْضا بمفرده وَمَعَهُ ولداه إِلَى الْقصر وَجلسَ على السماط على الْعَادة. فعندما رفع السماط قبض كشلي السِّلَاح دَار أحد المماليك وَكَانَ مَعْرُوفا بِالْقُوَّةِ على كَتفيهِ من خلف ظَهره قبضا عنيفاً وَبدر إِلَيْهِ جمَاعَة فَأخذُوا سَيْفه وقيدوه وقيدوا ولديه. وَنزل أَمِير مَسْعُود الحاحب فِي عدَّة من المماليك السُّلْطَانِيَّة فأوقع الحوطة على بَيته وَأخذ مماليكه جَمِيعهم فسجنهم. وَخرج فِي الْحَال سَاعَة القبص على طشتمر الْأَمِير ألطنبغا المارداني والأمير أروم بغا السِّلَاح دَار ومعهما من أُمَرَاء الطبلخاناة والعشرات نَحْو من خَمْسَة عشر أَمِيرا وَمَعَهُمْ من المماليك السُّلْطَانِيَّة وَغَيرهم ألف فَارس ليقبضوا على قطلوبغا الفخري نَائِب الشَّام. وَكتب السُّلْطَان إِلَى الْأَمِير أقسنقر الناصري نَائِب غَزَّة بالركوب مَعَهم بعسكره فَجمع من عِنْده وَمن فِي مُعَامَلَته من الجبلية. وَكَانَ قطلوبغا الفخري قد ركب من الصالحية فَبَلغهُ مسك طشتمر ومسير الْعَسْكَر إِلَيْهِ من هجان بعث بِهِ إِلَيْهِ بعض ثقاته فساق إِلَى قطيا وَأكل بهَا شَيْئا ورحل وَقد استعد حَتَّى تعدى للعريش فَإِذا أقسنقر بعسكر غَزَّة فِي انْتِظَاره على الزعقة. وَكَانَ ذَلِك وَقت الْغُرُوب فَوقف كل مِنْهُمَا تجاه أَصْحَابه حَتَّى أظلم اللَّيْل فَسَار الْفَخر بِمن مَعَه وهم سِتُّونَ فَارِسًا على الْبَريَّة. فَلَمَّا أصبح آقسنقر علم أَن الفخري فَاتَهُ فَمَال أَصْحَابه على أثقال الفخري فنهبوها وعادوا إِلَى غَزَّة. وَاسْتمرّ الفخري ليلته وَمن الْغَد حَتَّى انتصف النَّهَار وَهُوَ سائق فَلم يتَأَخَّر مَعَه إِلَّا سَبْعَة فرسَان ومبلغ أَرْبَعَة أُلَّاف دِينَار وَقد وصل بيسان وَعَلَيْهَا الْأَمِير أيدغمش نَازل. فترامى عَلَيْهِ الفخري وعرفه بِمَا جرى وَأَنه قطع خَمْسَة عشر بريداً فِي مسير وَاحِد. فطيب أيدغمش خاطره وأنزله فِي خام ضرب لَهُ وَقَامَ لَهُ بِمَا يَلِيق بِهِ فَلَمَّا جنه اللَّيْل أَمر بِهِ فقيد وَهُوَ نَائِم وَكتب بذلك إِلَى السُّلْطَان مَعَ بكا الخضري.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute