وَفِي يَوْم الْأَحَد سابعه: خرج الْأَمِير أيدغمش مُتَوَجها إِلَى نِيَابَة حلب. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشره: خرج الْأَمِير قطلوبغا الفخري مُتَوَجها إِلَى دمشق وَمَعَهُ من تَأَخّر من عَسْكَر الشَّام. وَخرج الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر النَّائِب وَمَعَهُ جَمِيع الْأُمَرَاء لوداعه وَمد لَهُ سماطاً عَظِيما. وَفِي يَوْم السبت عشريه: قبض على الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر نَائِب السلطنة وَسبب ذَلِك أَنه أَكثر من مُعَارضَة السُّلْطَان بِحَيْثُ تغلب عَلَيْهِ ورد مراسيمه وَصَارَ يتعاظم وَيظْهر من الترفع على الْأُمَرَاء والأجناد مَا لَا يحْتَمل مثله وَإِذا شفع إِلَيْهِ أحد من الْأُمَرَاء رد شَفَاعَته وَلم يقبلهَا وَلَا يقف لأمير إِذا دخل إِلَيْهِ واذا أَتَتْهُ قصَّة عَلَيْهَا عَلامَة السُّلْطَان بإقطاع أَو غَيره أَخذ ذَلِك وطرد من هِيَ باسمه وأخرق بِهِ. وَقرر طشتمر مَعَ السُّلْطَان أَنه لَا يمْضِي من المراسيم السُّلْطَانِيَّة إِلَّا مَا يختاره وَتقدم إِلَى الْحَاجِب بألا يقدم أحد قصَّة إِلَى السُّلْطَان حَتَّى يكون حَاضرا وَمنع ذَلِك فَلم يتجاسر أحد أَن يقدم قصَّة للسُّلْطَان فِي غيبته وَتقدم جمَاعَة من المماليك لطلب مَا يزِيد فِي مَرَاتِبهمْ فرسم طشتمر أَن كل من خرج عَن خبزه يعود إِلَيْهِ وَلم يُمكن المماليك السُّلْطَانِيَّة من أَخذ شَيْء. وَأخذ طشتمر إقطاع الْأَمِير بيبرس الأحمدي وتقدمته لوَلَده فَكَرِهته النَّاس. وَصَارَت أَرْبَاب الدولة وَأَصْحَاب الأشغال كلهَا فِي بَابه وتقربوا إِلَيْهِ بالهدايا والتحف. وَانْفَرَدَ طشتمر بِأُمُور الدولة وَحط على الكركيين وَقصد مَنعهم من الدُّخُول على السُّلْطَان فَلم يتهيأ لَهُ ذَلِك. وَكَانَ نَاصِر الدّين الْمَعْرُوف بفأر السقوف قد توصل بالكركيين حَتَّى اسْتَقر بِفضل توصيتهم فِي وَظِيفَة إِمَام السُّلْطَان يُصَلِّي بِهِ وَصَارَ كَذَلِك نَاظر المشهد النفيسي عوضا عَن تَقِيّ الدّين عَليّ بن الْقُسْطَلَانِيّ خطيب جَامع عَمْرو وجامع القلعة. وخلع السُّلْطَان عَليّ نَاصِر الدّين بِغَيْر علم النَّائِب طشتمر فَبعث إِلَيْهِ طشتمر عدَّة نقباء وَنزع عَنهُ الخلعة وَسلمهُ إِلَى الْمُقدم إِبْرَاهِيم بن صابر وَأمر بضربه وإلزامه بِحمْل مائَة ألف دِرْهَم. فَضَربهُ ابْن صابر عُريَانا ضربا مبرحاً واستخرج مِنْهُ أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم ثمَّ أفرج عَنهُ بشفاعة أيدغمش وقطلوبغا الفخري بعد مَا أشهد عَلَيْهِ أَنه لَا يطلع إِلَى القلعة. وَأخذ طشتمر قصر معِين بالغور من مباشري قوصون وأحاط بِمَا فِيهِ من القند وَالْعَسَل وَالسكر وَغير ذَلِك. فَكثر حنق السُّلْطَان مِنْهُ وتغيره عَلَيْهِ إِلَى أَن قرر مَعَ الْمُقدم عنبر السحرتي والأمير أقسنقر السلاري فِي الْقَبْض عَلَيْهِ وعَلى قطلوبغا الفخري
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute