وَسَأَلَهُ فِي إِعَادَته قَالَ لَهُ: رح خُذ إقطاعك أَو يَقُول لَهُ: نَحن نعوضك. ففسدت الْأَحْوَال ولاسيما بالمملكة الشامية فَكتب النواب بذلك للسُّلْطَان فَكَلمهُ السُّلْطَان فَلم يرجع وَقَالَ: أَنا أَي من طلب مني شَيْئا أَعْطيته وَمَا أرد قلمي عَن أحد. بِحَيْثُ أَنه كَانَت تقدم لَهُ الْقِصَّة وَهُوَ يَأْكُل فَيتْرك أكله وَيكْتب عَلَيْهَا من غير أَن يعرف مَا فِيهَا فَأَغْلَظ لَهُ بِسَبَب ذَلِك آقسنقر الناصري أَمِير أخور. وَاتفقَ مَعَ ذَلِك أَنه وشى بِهِ أَنه يباطن للناصر أَحْمد ويواصل كتبه إِلَيْهِ فقرر أرغون العلائي مَعَ السُّلْطَان مسكه فمسك هُوَ وحاشيته. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشره: خلع السُّلْطَان عَليّ الْأَمِير الْحَاج آل ملك وَاسْتقر فِي نِيَابَة السلطنة عوضا عَن آقسنقر السلاري. وَكَانَ العلائي قد قرر مَعَ السُّلْطَان أَن يعرض على الْأُمَرَاء نِيَابَة السلطنة فَأول من عرضت عَلَيْهِ الْأَمِير بدر الدّين جنكلي بن البابا فَامْتنعَ فَقَالُوا بعده للأمير الْحَاج آل ملك فأظهر الْبشر وَأجَاب لَهَا إِن قبلت شُرُوطه. فَلَمَّا طلع الْأَمِير الْحَاج آل ملك لصَلَاة الْجُمُعَة على الْعَادة اشْترط على السُّلْطَان أَلا يفعل شَيْئا فِي المملكة إِلَّا بِرَأْيهِ وَأَنه يمْنَع الْخمر من البيع وَيُقِيم منار الشَّرْع وَأَنه لَا يُعَارض فِيمَا يَفْعَله. فَقبل السُّلْطَان شُرُوطه وَلبس الْأَمِير الْحَاج آل ملك تشريف النِّيَابَة بِجَامِع القلعة بعد صَلَاة الْجُمُعَة. وأنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان زِيَادَة على إقطاع النِّيَابَة بناحيتي المطرية وَالْخُصُوص ومتحصلهما اربعمائة ألف وَخمسين ألف دِرْهَم. وَفِي يَوْم السبت ثَالِث عشره: خلع السُّلْطَان عَليّ منكلي بغا الفخري وَاسْتقر أَمِير جندار عوضا عَن بيغرا. وَفِيه فتح شباك النِّيَابَة وَجلسَ فِيهِ الْأَمِير الْحَاج آل ملك للمحاكمات. فَأول مَا بَدَأَ بِهِ أَن أَمر وَالِي الْقَاهِرَة بِأَن ينزل إِلَى خزانَة البنود بِالْقَاهِرَةِ ويحتاط على مَا بهَا من الْخمر والبغايا وَيخرج من فِيهَا من النَّصَارَى الأسرى ويريق مَا هُنَاكَ من الْخُمُور ويخربها حَتَّى يَجْعَلهَا دكاً وَسبب ذَلِك أَن خزانَة البنود كَانَت يَوْمئِذٍ حانة بعد مَا كَانَت سجناً يسجن فِيهِ الْأُمَرَاء والجند والمماليك كَمَا أَن خزانَة شمائل سجن لآرباب الجرائم من اللُّصُوص وقطاع الطَّرِيق. فَلَمَّا كَانَت دولة السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون بعد عوده من الكرك وشغف بِكَثْرَة العمارات اتخذ الأسرى وجلبهم إِلَى مصر من بِلَاد الأرمن وَغَيرهَا وَأنزل عدَّة كَثِيرَة مِنْهُم بقلعة الْجَبَل وَجَمَاعَة كَثِيرَة بخزانة البنود. فَمَلَأ أُولَئِكَ الأرمن خزانَة البنود حَتَّى بَطل السجْن بهَا وعمرها السُّلْطَان النَّاصِر مساكنا لَهُ وتوالدوا بهَا وعصروا الْخُمُور بِحَيْثُ أَنهم عصروا فِي سنة وَاحِدَة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ألف جرة باعوها جهاراً وَكَانَ لحم الْخِنْزِير يعلق عِنْدهم على الْوَضم وَيُبَاع من غير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute