للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِاتِّفَاق فَأسر ذَلِك لجمال الكفاة فَصَارَ يَأْتِيهِ بِكُل نَفِيس من الْجَوَاهِر وَغَيرهَا سرا فينعم بِهِ على اتِّفَاق. وَكَذَلِكَ كَانَ السُّلْطَان قد أسر للوزير نجم الدّين هَوَاهُ فِي اتِّفَاق فَكَانَ أَيْضا يحمل إِلَيْهِ فِي الْبَاطِن الْأَشْيَاء النفيسة وَلَا كَمَا يحملهُ جمال الكفاة. فعلت رُتْبَة جمال الكفاة بِحَيْثُ أَن الْوَزير نجم الدّين امْتنع عَن مُبَاشرَة الوزارة مَا لم يكن جمال الكفاة يلاحظه. ثمَّ رسم السُّلْطَان لجمال الكفاة أَن يكون مشير الدولة وَكتب لَهُ فِي توقيعه الجناب العالي بَعْدَمَا امْتنع عَلَاء الدّين عَليّ بن فضل الله كَاتب السِّرّ من ذَلِك وتوحش مَا بَينهمَا بِسَبَبِهِ. فرسم السُّلْطَان أَن يكْتب لَهُ ذَلِك فعظمت رتبته وَارْتَفَعت مكانته إِلَى أَن تعدى طوره وَأَرَادَ أَن ينخلع من زِيّ الْكتاب إِلَى هَيْئَة الْأُمَرَاء وَأَن يكون أَمِير مائَة مقدم ألف وَلم يبْق إِلَّا ذَلِك فشق على الْأُمَرَاء هَذَا الْأَمر. وَكَانَ جمال الكفاة قد تنكر عَلَيْهِ الْأَمِير أرغون العلائي بِسَبَب إقطاع عينه لبَعض أَصْحَابه فَأجَاب بِأَن السُّلْطَان قد أخرجه فَغَضب العلائي وَبعث إِلَيْهِ دواداره وَمَعَهُ حياصة من ذهب وَأمره أَن يَقُول لَهُ عَنهُ: أَنْت مَا بقيت تُعْطِي شَيْئا إِلَّا ببرطيل وَهَذِه الحياطة برطيلك خُذْهَا واقض شغل هَذَا الرجل فَلم يسمح جمال الكفاة لَهُ بالإقطاع وَقَامَ مَعَ السُّلْطَان حَتَّى عرف العلائي مشافهة بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أخرج الإقطاع فأسرها العلائي فِي نَفسه وَأخذ يغري بِهِ النَّائِب الْحَاج آل ملك والأمراء فَمَال مَعَهم الْوَزير وصاروا جَمِيعهم وَاحِدًا عَلَيْهِ ورتبوا لَهُ مهالك ليقتلوه بهَا مِنْهَا أَنه يباطن النَّاصِر أَحْمد ويكاتبه ويتصرف فِي أَمْوَال الدولة بِاخْتِيَارِهِ وَقد ضيعها كلهَا فَإِنَّهُ كَانَ نَاظر الْجَيْش ومشير الدولة وَأَنه يتحدث مَعَ السُّلْطَان فِي الْأُمَرَاء وَيَقَع فيهم ويثلب أعراضهم عِنْده. وَأخذ الْوَزير يعلم السُّلْطَان والعلائي بِأَن سَائِر مَا يُخبرهُ السُّلْطَان بِهِ من محبته لِاتِّفَاق يخبر بِهِ الْوَزير وَنقل عَنهُ من ذَلِك أَشْيَاء تبين للسُّلْطَان صِحَّته. فانحطت بذلك مكانته عِنْد السُّلْطَان ورسم بقتْله بعد أَخذ مَاله فَقبض عَلَيْهِ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر صفر وعَلى أَوْلَاده وَزَوجته. وَقبض مَعَه على الصفي الْحلِيّ مُوسَى كَاتب قوصون وناظر الْبيُوت وعَلى الْمُوفق عبد الله بن إِبْرَاهِيم نَاظر الدولة. وَنزل المجدي إِلَى بَيت جمال الكفاة وأوقع الحوطة عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ وَنزل تمر الموساوي فأوقع الحوطة على بَيت الصفي وعني الْوَزير بالموفق فَلم يُعَاقب. ونوعت الْعُقُوبَات لجمال الكفاة والصفي وَضربت أَوْلَاد جمال الكفاة وَهُوَ يراهم ضربا مبرحاً بالمقارع وعصرت نساؤه وَنسَاء الصفي وَأخذت أَمْوَالهم. فَرفع خَالِد الْمُقدم قصَّة للسُّلْطَان ذكر فِيهَا أَنه إِن شدّ وَسطه وأقيم فِي التقدمة أظهر لَهُم مَالا كثيرا من مَال جمال الكفاة. فَطلب ورسم بشد وَسطه وَنزل إِلَيْهِم فأظهر لجمال الكفاة بتهديده إِيَّاه صندوقاً فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>