فِيهَا. فَطلب السُّلْطَان الْمُحْتَسب والوالي وَأنكر عَلَيْهِمَا فقبضا على كثير من الباعة وضربوا عدَّة مِنْهُم بالمقارع وشهروهم فتحسنت الأسعار كلهَا. فألزم الْمُحْتَسب سماسرة الغلال أَلا يزِيدُوا فِي سعر الْغلَّة شَيْئا فَلم يتجاسر أحد مِنْهُم أَن يزِيد شَيْئا فِي السّعر. ثمَّ نُودي أَلا يُؤْخَذ من الْفُلُوس إِلَّا مَا عَلَيْهِ سكَّة السُّلْطَان وَمَا عدا ذَلِك يُؤْخَذ بِحِسَاب كل رَطْل دِرْهَمَيْنِ وَلَا يقبل فِيهِ نُحَاس وَلَا رصاص. فشريت الْفُلُوس وَأخذ مِنْهَا مَا عَلَيْهِ السِّكَّة السُّلْطَانِيَّة وتعامل النَّاس بهَا عددا ووزنوا فِي الْمُعَامَلَة الْفُلُوس الْخفاف بالرطل على حِسَاب دِرْهَمَيْنِ كل رَطْل ففقدت بعد قَلِيل. ثمَّ ألزم النَّاس بِحمْل مَا عِنْدهم من الْفُلُوس إِلَى دَار الضَّرْب فَضربت فُلُوسًا جدداً. وَلم يكن فِي الدولة حَاصِل يحمل لدار الضَّرْب كَمَا هِيَ الْعَادة لتوقف أمرهَا. وَفِيه قدم الْأَمِير جركتمر الْحَاجِب من كشف الغلال وَقد حصل من متوفر غلال العربان بِبِلَاد الشَّام أَرْبَعمِائَة ألف وَخمسين ألف دِرْهَم. وَفِيه توجه السُّلْطَان إِلَى سرياقوس على الْعَادة. وَفِيه قبض على الْمُقدم خَالِد وَوَقعت الحوطة على موجوده وَأخذ لسوء سيرته. وَفِيه قدم رَسُول ابْن دلغادر وَأَخُوهُ وَابْن عَمه بكتابه وأنعم عَلَيْهِ بِزِيَادَة من أَرَاضِي حلب. وَفِي نصف شعْبَان: قدمت الْحرَّة أُخْت صَاحب الغرب فِي جمَاعَة كَثِيرَة وعَلى يَدهَا كتاب السُّلْطَان أبي الْحسن يتَضَمَّن السَّلَام وَأَن يدعوا لَهَا الخطباء فِي يَوْم الْجُمُعَة فِي خطبهم ومشايخ الصّلاح وَأهل الْخَيْر بالنصر على عدوهم وَأَن يكْتَسب لأهل الْحَرَمَيْنِ بذلك. وَذَلِكَ أَن فِي السّنة الخالية كَانَت بَينه وَبَين الفرنج وقْعَة عَظِيمَة قتل فِيهَا وَلَده وَنَصره الله بمنه على الْعَدو وَقتل كثيرا مِنْهُم وَملك مِنْهُم الجزيرة الخضراء. فعمر الفرنج مِائَتي شيني وجمعوا طوائفهم وقصدوا الْمُسلمين بالجزيرة وأوقعوا بهم عي حِين غَفلَة. فاستشهد عَالم كَبِير وَنَجَا أَبُو الْحسن فِي طَائِفَة من ألزامه بعد شَدَائِد. وَملك الفرنج الجزيرة وأسروا وَسبوا وغنموا شَيْئا يجل وَصفه ثمَّ مضوا إِلَى جِهَة غرناطة ونصبوا عَلَيْهَا مائَة منجنيق حَتَّى صَالحهمْ أَهلهَا على قطيعة يقومُونَ بهَا وتهادنوا مُدَّة عشر سِنِين. وقدمت رسل البنادقة من الفرنج بهدية وسألوا الرِّفْق بهم وَالْمَنْع من ظلمهم وَألا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا مَا جرت بِهِ عَادَتهم وَأَن يمكنوا من بيع بضائعهم على من يختارونه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute