للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسعيا بالأمراء حَتَّى أفرج عَنْهُمَا مُعَارضَة للنائب وَمنع من طلبهما. وأنعم على ولد حسن بإقطاع أَبِيه ووظيفته فَاشْتَدَّ حنق النَّائِب وَأطلق لِسَانه بالْكلَام. وَفِيه قدم سيف بن فضل فَأكْرمه السُّلْطَان وَكتب إِلَى نَائِب الشَّام بِالْقَبْضِ على أَحْمد بن مهنا إِذا قدم عَلَيْهِ. وَكَانَ فياض قد بَعثه ليَأْخُذ لَهُ الْأمان من السُّلْطَان فَيوم قدم دمشق أمسك هُوَ وَابْن أَخِيه وحبسا بالقلعة ترضية للأمير سيف. فَجمع فياض عربه يُرِيد أَخذ دمشق فَجرد النَّائِب لَهُ عشرَة أُمَرَاء فَرجع عَن مقْصده. وَبلغ ذَلِك الْأَمِير أقسنفر الناصري نَائِب طرابلس فشق عَلَيْهِ سجن أَحْمد بن مهنا فَإِنَّهُ كتب فِيهِ للسُّلْطَان وَأَنه ضمن دركه ودرك فياض. فَأُجِيب أقسنقر بِقبُول شَفَاعَته ورسم بحضورهما إِلَى مصر فاتفق من مَكَّة مَا اتّفق. وَقدم الْخَبَر بِنفَاق عربان الْوَجْه القبلي وقطعهم الطرقات على النَّاس وامتداد الْفِتَن بَينهم نَحْو شَهْرَيْن قتل فِيهَا خلق عَظِيم وَأَن عرب الفيوم أغار بَعضهم على بعض وذبحوا الْأَطْفَال على صُدُور أمهاتهم فَقتل بَينهم قَتْلَى كَثِيره. وأخربوا ذَات الصَّفَا وَمنعُوا الْخراج فِي الْجبَال وَقَطعُوا الْمِيَاه حَتَّى شَرق أَكثر بِلَاد الفيوم فَلم يلْتَفت أُمَرَاء الدولة لذَلِك لشغلهم بالصيد وَنَحْوه. وَفِيه نقل غرلو من ولَايَة الْقَاهِرَة إِلَى سد الدَّوَاوِين والدولة فِي غَايَة التَّوَقُّف. فاستجد غرلوا من الْحَوَادِث أَن من طلب ولَايَة أَو شدّ جِهَة يحمل مَالا بِحَسب وظيفته إِلَى بَيت المَال. وَعرف غرلو السُّلْطَان أَن هَذَا المَال كَانَ يحمل للنَّاظِر والمباشرين وَأَنه تنزه عَن ذَلِك وَأظْهر نهضة وَأَمَانَة. وَفِيه قدم الْخَبَر بِكَثْرَة فَسَاد العشير بِبِلَاد الشَّام وقطعهم الطرقات لقلَّة حُرْمَة الْأَمِير طقزدمر نَائِب الشَّام. فَانْقَطَعت طرقات طرابلس وبعلبك ونهبت بلادهما. وامتدت الْفِتْنَة بَين العشير زياده على شهر قتل فِيهَا خلق كثير. ونحروا الْأَطْفَال على صُدُور أمهاتهم وأضرموا النَّار على مَوضِع احْتَرَقَ فِيهِ زِيَادَة على عشْرين امْرَأَة. وَفِيه توقفت أَحْوَال الْقَاهِرَة من جِهَة الْفُلُوس وتحسن سعر أَكثر المبيعات. وَذَلِكَ أَن الْمُعَامَلَة بالفلوس كَانَت بِالْعدَدِ فَكثر فِيهَا الْفُلُوس الخفاق وانتدب جمَاعَة لشراء النّحاس الْخلق بِدِرْهَمَيْنِ الرطل وقصه فُلُوسًا خفافاً فَبلغ الرطل مِنْهَا عشْرين درهما. وَصَارَ الرصاص يقطع على هَيْئَة الْفُلُوس ويخلط بهَا. وجلب كثير من فلوس الشَّام وَهِي وَاسِعَة فَكَانَت تقطع سِتّ قطع كل مِنْهَا فلس إِلَى أَن أفحش ذَلِك وَكثر التعنت

<<  <  ج: ص:  >  >>