وَفِي جُمَادَى الْآخِرَة: وقف الْحَال فِيمَا ينْفق فِي دَار السُّلْطَان وَفِيمَا يصرف إِلَى عِيَاله وَفِيمَا يقتات بِهِ أَوْلَاده وأفضى الْأَمر إِلَى أَن يُؤْخَذ من الْأَسْوَاق مَا لَا يُوزن لَهُ ثمن وَمَا يغصب من أربابه وأفض هَذَا إِلَى غلاء أسعار المأكولات فَإِن المتعيشين من أَرْبَاب الدكاكين يزِيدُونَ فِي الأسعار الْعَامَّة بِقدر مَا يُؤْخَذ مِنْهُم للسُّلْطَان فَاقْتضى ذَلِك النّظر فِي المكاسب الخبيثة. وَضمن بَاب المزر وَالْخمر بِاثْنَيْ عشر ألف دِينَار وفسح فِي إِظْهَاره وَبيعه فِي القاعات والحوانيت وَلم يقدر أحد على إِنْكَار ذَلِك وَصَارَ مَا يُؤْخَذ من هَذَا النيحت ينْفق فِي طَعَام السُّلْطَان وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَصَارَ مَال الثغور والجوالي إِلَى من لَا يُبَالِي من أَيْن أَخذ المَال. وَفِيه وصل الْعَادِل والعزيز إِلَى الداروم وَأمر بإخراب حصنها فقسم على الْأُمَرَاء والجاندارية فشق على النَّاس تجريبه لما كَانَ بِهِ من الرِّفْق للمسافرين وانْتهى الْملكَانِ إِلَى دمشق وَقد استعد الْأَفْضَل للحرب فِي أول شهر رَجَب فحاصراها إِلَى أَن ملكاها فِي الْعشْرين مِنْهُ بعد عدَّة حروب خَان الْأَفْضَل فِيهَا أمراءه فَلَمَّا أَخذ الْمَدِينَة نزل الْأَفْضَل من القلعة إِلَيْهِمَا فاستحيا الْعَادِل مِنْهُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حمل الْعَزِيز على ذَلِك ليوطيء لنَفسِهِ كَمَا يَأْتِي. وَأمره الْعَادِل أَن يعود إِلَى القلعة فَلم يزل بهَا أَرْبَعَة أَيَّام حَتَّى بعث إِلَيْهِ الْعَزِيز أيبك فطيس أَمِير جاندار وصارم الدّين خطلج الأستادار فأخرجاه عِيَاله وعيال أَبِيه. وَأنزل الْأَفْضَل فِي مَكَان وأوفي مَا كَانَ عَلَيْهِ من دين وَمَا للحواشي من الجوامك. فَبلغ ذَلِك نيفا وَعشْرين ألف دِينَار بيع فِيهَا بركه وجماله وبغاله وَكتبه ومماليكه وَسَائِر مَاله فَلم توف بِمَا عَلَيْهِ وقسا عَلَيْهِ أَخُوهُ وَعَمه لسوء حَظه ثمَّ بعث إِلَيْهِ عَمه الْعَادِل يَأْمُرهُ أَن يسير إِلَى صرخد فَلم يجد عِنْده من يسير بأَهْله حَتَّى بعث إِلَيْهِ جمال الدّين محَاسِن عشرَة أوصلوه إِلَى صرخد. وَأخذت من الْملك الظافر مظفر الدّين خضر بصرى وَأعْطيت للْملك الْعَادِل وَأمر الظافر أَن يسير إِلَى حلب فلحق بأَخيه الظَّاهِر صَاحبهَا. وَيُقَال إِن الْعَادِل كَانَ قد قرر مَعَ الْملك الْعَزِيز وَهُوَ بِالْقَاهِرَةِ أَن الْملك الْعَزِيز إِذا غلب أَخَاهُ الْأَفْضَل على دمشق وَأَخذهَا مِنْهُ أَن يُقيم بهَا وَيعود الْعَادِل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute