للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى مصر نَائِبا عَن الْعَزِيز فَلَمَّا ملك الْعَزِيز دمشق وَأخرجه أَخَاهُ الْأَفْضَل مِنْهَا انكشفت لَهُ مستورات مَكَائِد عَمه فندم على مَا قَرَّرَهُ مَعَه وَبعث إِلَى أَخِيه الْأَفْضَل سرا يعْتَذر إِلَيْهِ وَيَقُول لَهُ: لَا تنزل عَن ملك دمشق. فَظن الْأَفْضَل هُنَا من أَخِيه خديعة وَأعلم عَمه الْعَادِل بِهِ فَقَامَتْ قِيَامَته وعتب على الْعَزِيز وأنبه. فَأنْكر الْعَزِيز أَن يكون صدر هَذَا مِنْهُ وحنق على أَخِيه الْأَفْضَل وَأخرجه إِلَى صرخد على قبح صُورَة. واختفى الْوَزير ضِيَاء الدّين ابْن الْأَثِير الْجَزرِي خوفًا من الْقَتْل ثمَّ لحق بالموصل. وَاسْتقر الْأَمر بِدِمَشْق للعزيز فِي رَابِع عشر شعْبَان فأظهر الْعدْل وأبطل عدَّة مكوس وَمنع من اسْتِخْدَام أهل الذِّمَّة فِي شَيْء من الخدم السُّلْطَانِيَّة وألزموا لبس الغيار ثمَّ رَحل عَنْهَا لَيْلَة التَّاسِع مِنْهُ يُرِيد الْقَاهِرَة واستخلف عَمه الْعَادِل على دمشق وَسَار إِلَى الْقُدس فملكها من أبي الهيحاء السمين وَسلمهَا إِلَى الْأَمِير شمس الدّين سنقر الْكَبِير وَسَار أَبُو الهيجاء إِلَى بَغْدَاد. وَوصل الْعَزِيز إِلَى الْقَاهِرَة يَوْم الْخَمِيس رَابِع شهر رَمَضَان فَصَارَت دمشق وأعمالها إقطاعا للْملك الْعَادِل وَلَيْسَ للعزيز بهَا سوى الْخطْبَة وَالسِّكَّة فَقَط. وَفِي ثامن عشره: ركب الْعَزِيز إِلَى مقياس مصر وخلقه وَنُودِيَ فِيهِ بِزِيَادَة ثَلَاثَة أَصَابِع من الذِّرَاع السَّابِعَة عشرَة. وَفِي الْعشْرين مِنْهُ: فتح سد الخليج فَركب الْعَزِيز لذَلِك وَكثر المتفرجون وازدحم الغوغاء وحملوا العصي وتراجموا بِالْحِجَارَةِ وقلعت أعين وخطفت مناديل. وَكَانَت الْعَادة جَارِيَة بِأَن يوقر شهر رَمَضَان من اعتصار الْخمر وَألا يجْهر بشرَاء الْعِنَب والجرار وَلَا يحدث نَفسه أحد بِفَسْخ الْحُرْمَة وهتك السّتْر. وَفِي هَذَا الشَّهْر: غلا سعر الأعناب لِكَثْرَة الْعصير مِنْهَا وتظاهر بِهِ أربابه لتحكير تَضْمِينه السلطاني وَاسْتِيفَاء رسمه بأيد مستخدميه وَبلغ ضَمَانه سَبْعَة عشر ألف دِينَار وَحصل مِنْهُ شَيْء حمل إِلَى الْعَزِيز فَصنعَ بِهِ آلَات الشّرْب. وَفِيه كثر اجْتِمَاع النِّسَاء وَالرِّجَال على الخليج لما فتح وعَلى سَاحل مصر وتلوث النّيل بمعاصي قبيحة. وَاسْتمرّ جُلُوس الْعَزِيز للمظالم فِي يومي الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس. وَفِي ثَانِي شَوَّال: كَانَ النوروز فَجرى الْأَمر فِيهِ على الْعَادة من رش المَاء واستجد فِيهِ التراجم بالبيض والتصافع بالأنطاع. وتوالت زِيَادَة النّيل فأفحش النَّاس فِي إِظْهَار الْمُنْكَرَات وَلم ينههم أحد. وَفِيه وقفت وُجُوه المَال وانقطعت جباية الدِّيوَان بِمصْر وأحيل على الْجِهَات

<<  <  ج: ص:  >  >>