ثَمَانِينَ ألف دِرْهَم ثمن خُيُول قدمهَا للسُّلْطَان فَأَخذه مِنْهُ وَقصد قَتله. فَركب فياض لما بلغه ذَلِك وأغار على جمال سيف وَآل فضل وساقها وَهِي نَحْو خَمْسَة عشر ألف بعير. فَبعث سيف يطْلب من نائبي دمشق وحلب عسكراً يُقَاتل آل مهنا فَلم ينجداه. وَفِيه كتب الْأَمِير أرغون شاه نَائِب حلب فِي حق سيف فَإِنَّهُ لَا طَاقَة لَهُ بآل مهنا. فرسم بقدوم سيف وَآل مرا وقدوم أَحْمد بن مهنا ووعد أَحْمد بالإمرة وَخرج الْأَمِير قطلوبغا الذَّهَبِيّ لذَلِك. وَفِيه قدم ابْن الأطروش من دمشق وَقد عزل من الْحِسْبَة وَكتب نَائِب الشَّام يذم فِيهِ وَفِي عصر يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر ربيع الآخر: قتل الْأَمِير آقسنقر الناصري والأمير ملكتمر الْحِجَازِي وَأمْسك الْأَمِير بزلار والأمير صغَار والأمير أيتمش عبد الْغَنِيّ. وَسبب ذَلِك أَن السُّلْطَان لما أخرج إتفاق وَغَيرهَا من عِنْده وتشاغل عَنْهُن بالحمام صَار يحضر إِلَى الدهيشة والأوباش وتلعب بالعصا لعب صباح ويحضر الشَّيْخ عَليّ بن الكسيح مَعَ حظاياه فيسخر لَهُ وينقل إِلَيْهِ أَخْبَار النَّاس. فشق ذَلِك على الْأُمَرَاء حدثوا ألجيبغا وطينرق وَكَانَا عُمْدَة السُّلْطَان وخاصكيته فِيمَا يَفْعَله السُّلْطَان وَأَن الْحَال قد فسد فعرفا السُّلْطَان ذَلِك فَاشْتَدَّ حنقه وَأطلق لِسَانه وَقَامَ إِلَى السَّطْح وَذبح الْحمام بحضرتهما وَقَالَ: وَالله لأذبحنكم كَمَا ذبحت هَذِه الطُّيُور وأغلق بَاب الدهيشة وَأقَام غضبانا يَوْمه وَلَيْلَته. وَكَانَ الْأَمِير غرلو قد تمكن مِنْهُ فَأعلمهُ. بِمَا وَقع فَوَقع فِي الْأُمَرَاء وهونهم عَلَيْهِ وجسره على الفتك بهم وَالْقَبْض على الْأَمِير آقسنقر الناصري النَّائِب. فَأخذ السُّلْطَان فِي تَدْبِير مَا يَفْعَله وَقرر ذَلِك مَعَ غرلو. ثمَّ بعث السُّلْطَان بعد أَيَّام طنيرق إِلَى الْأَمِير آقسنقر الناصري النَّائِب فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس ربيع الآخر ويعرفه أَن قرابغا القاسمي وصمغار وبزلار وأيتمش عبد الْغَنِيّ قد اتَّفقُوا على الْفِتْنَة وعزمي أَن أَقبض عَلَيْهِم فوعد برد الْجَواب غَدا على السُّلْطَان فِي الْخدمَة وَأَشَارَ عَلَيْهِ من الْغَد بالتثبت فِي أَمرهم حَتَّى يَصح لَهُ مَا قيل عَنْهُم فَعرفهُ السُّلْطَان من الْغَد يَوْم الْجُمُعَة بِأَنَّهُ صَحَّ لَهُ بِإِخْبَار بيبغاروس وَبَين لَهُ أَنهم تحالفوا على قَتله فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَن يجمع بَينهم وَبَين بيبغاروس حَتَّى يحاققهم بِحَضْرَة الْأُمَرَاء يَوْم الْأَحَد. وَكَانَ الْأَمر على خلاف هَذَا فَإِنَّهُ اتّفق مَعَ غرلو وَعَنْبَر السحرتى مقدم المماليك على مسك الْأَمِير آقسنقر الناصري والأمير ملكتمر الْحِجَازِي يَوْم الْأَحَد وَأظْهر للنائب أَنه يُرِيد الْقَبْض على قرابغا وصمغار وبزلار وأيتمش.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute