عدَّة أُمَرَاء فِي الميمنة وَسَار بمماليكه حَتَّى وصل إِلَى قريب قبَّة النَّصْر. فَكَانَ أول من تَركه الْأَمِير أرغون الكاملي والأمير ملكتمر السعيدي ثمَّ الْأَمِير شيخو. وَأتوا الْأَمِير أرقطاي النَّائِب والأمراء وتلاهم بَقِيَّتهمْ حَتَّى جَاءَ الْأَمِير طنيرق والأمير لاجين أَمِير جاندار صهر السُّلْطَان آخِرهم. وَبَقِي السُّلْطَان فِي نَحْو عشْرين فَارِسًا فبرز لَهُ الْأَمِير بيبغا روس والأمير ألجيبغا فولى فرسه وأنهزم عَنْهُم فأدركوه وَأَحَاطُوا بِهِ. فَتقدم إِلَيْهِ بيبغا روس فَضَربهُ السُّلْطَان بطير فَأخذ الضَّرْبَة بترسه وَحمل عَلَيْهِ بِالرُّمْحِ. وتكاثروا عَلَيْهِ حَتَّى قلعوه من سَرْجه فَكَانَ بيبغا روس هُوَ الَّذِي أرداه وضربه طنيرق جرح وَجهه وأصابعه. وَسَارُوا بِهِ على فرس إِلَى تربة آقسنقر الرُّومِي تَحت الْجَبَل وذبحوه من سَاعَته قبل الْعَصْر. وَلما أنزلوه وَأَرَادُوا ذبحه توسل إِلَى الْأُمَرَاء وَهُوَ يَقُول: بِاللَّه لَا تستعجلوا على قَتْلِي وخلوني سَاعَة فَقَالُوا: فَكيف استعجلت على قتل النَّاس لَو صبرت عَلَيْهِم صَبرنَا عَلَيْك. وَصعد الْأُمَرَاء إِلَى القلعة فِي يومهم وَنَادَوْا فِي الْقَاهِرَة بالأمان والاطمئنان وَبَاتُوا بهَا لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ وَقد اتَّفقُوا على مُكَاتبَة الْأَمِير أرغون شاه نَائِب الشَّام بِمَا وَقع وَأَن يَأْخُذُوا رَأْيه فِيمَن يقيمونه سُلْطَانا. فَأَصْبحُوا وَقد اجْتمع المماليك على إِقَامَة حُسَيْن بن النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فِي السلطة وَوَقعت بَينه وَبينهمْ مراسلات. فَقبض الْأُمَرَاء على عدَّة من المماليك ووكلوا الْأَمِير طاز بِبَاب حُسَيْن حَتَّى لَا يجْتَمع بِهِ أحد وغلقوا بَاب القلعة وهم بِآلَة الْحَرْب يومهم وَلَيْلَة الثُّلَاثَاء. وَقصد المماليك إِقَامَة الْفِتْنَة فخاف الْأُمَرَاء تَأْخِير السلطة حَتَّى يستشيروا نَائِب الشَّام أَن يَقع من المماليك مَا لَا يدْرك فارطه فَوَقع اتِّفَاقهم عِنْد ذَلِك على حسن بن النَّاصِر محد بن قلاوون فتم أمره. فَكَانَت مُدَّة المظفر حاجي سنة وَثَلَاثَة أشهر واثني عشر يَوْمًا وعمره نَحْو عشْرين سنة وَكَانَ شجاعاً جريئاً على الدُّنْيَا منهمكاً فِي الْفساد كثير الْإِتْلَاف لِلْمَالِ. السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بدر الدّين أَبُو الْمَعَالِي الْحسن بن مُحَمَّد بن قلاوون الألفي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute