فوَاللَّه لايرجع عَنْك ولاعن طنيرق. فَطلب ألجيبغا صَاحبه طنيرق حَتَّى عرفه ذَلِك فأخذا فِي التَّدْبِير على السُّلْطَان وَأخذ السُّلْطَان فِي التَّدْبِير عَلَيْهِمَا. وَفِيه أخرج السُّلْطَان الْأَمِير بيبغا روس للصَّيْد بالعباسة فَإِنَّهُ كَانَ صديقا لألجيبغا وتنمر السُّلْطَان على طنيرق وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَبَالغ فِي تهديده. فَبعث طنيرق وألجيبغا إِلَى طشتمر طلليه وَمَا زَالا بِهِ حَتَّى وافقهما. وَدَار طنيرق على الْأُمَرَاء وَمَا مِنْهُم إِلَّا من نفرت نَفسه من السُّلْطَان وتوقع مِنْهُ أَن يفتك بِهِ. وأغراهم طنيرق بالسلطان فصاروا مَعَه يدا وَاحِدَة وكلموا الْأَمِير أرقطاى النَّائِب فِي موافقتهم وأعلموه أَنه يُرِيد الْقَبْض عَلَيْهِ وَأَكْثرُوا من تشجيعه إِلَى أَن أجابهم وتواكدوا جَمِيعًا فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع رَمَضَان على الرّكُوب فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشره. فَبعث السُّلْطَان فِي يَوْم السبت يطْلب الْأَمِير بيبغا روس من العباسة وَقرر مَعَ الطواشي عنبر مقدم المماليك أَن يعرف المماليك السِّلَاح دارية أَن يقفوا متأهبين فَإِذا دخل بيبغا روس وَقبل الأَرْض ضربوه بسيوفهم وقطعوه قطعا. فَعلم بذلك ألجيبغا فَبعث إِلَى بيبغا يُعلمهُ بِمَا دبره السُّلْطَان من قَتله ويعرفه بِمَا وَقع من اتِّفَاق الْأُمَرَاء عَلَيْهِ بكرَة يَوْم الْأَحَد على قبَّة النَّصْر. واستعدوا ليلتهم وَنزل ألجيبغا أَوَّلهمْ من القلعة وتلاه بَقِيَّة الْأُمَرَاء فَكَانَ آخِرهم ركوباً الْأَمِير أرقطاى النَّائِب. وتوافوا بأجمهم عِنْد مطعم الطير وَإِذا بيبغا قد وصل إِلَيْهِم فأحضروا مماليكهم وأطلابهم وبعثوا فِي طلب بَقِيَّة الْأُمَرَاء فَمَا ارْتَفع النَّهَار حَتَّى وقفُوا بأجمعهم لابسين آلَة الْحَرْب عِنْد قبَّة النَّصْر. فَأمر السُّلْطَان بدق الكوسات وَبعث الأوجاقية فِي طلب الْأُمَرَاء وَجمع عَلَيْهِ طنيرق وشيخو وأرغون الكاملي وطاز وَنَحْوهم من الخاصكية فَحَضَرَ إِلَيْهِ أجناد الْحلقَة ومقدموها وعدة من الْأُمَرَاء. وَأرْسل السُّلْطَان يعتب الْأَمِير أرقطاي النَّائِب على ركُوبه فَرد جَوَابه بِأَن مملوكك الَّذِي ربيته ركب عَلَيْك وَأَعْلَمنَا فَسَاد نيتك وَقد قتلت مماليك أَبِيك وَأخذت أَمْوَالهم وهتكت حريمهم بِغَيْر مُوجب وعزمت على الفتك بِمن بَقِي وَأَنت أول من حلف أَلا تخون الْأُمَرَاء وَلَا تخرب بَيت أحد فَرد السُّلْطَان الرَّسُول إِلَيْهِ يستخبره عَمَّا يريدونه مِنْهُ حَتَّى يَفْعَله لَهُم فَأَعَادُوا جَوَابه أَنهم لابد أَن يسلطنوا غَيره فَقَالَ: مَا أَمُوت إِلَّا على ظهر فرسي فقبضوا على رَسُوله وهموا بالزحف إِلَيْهِ فَمَنعهُمْ الْأَمِير أرقطاي النَّائِب. فبادر السُّلْطَان بالركوب إِلَيْهِم وَأقَام أرغون الكاملي وشيخو فِي الميسرة وَأقَام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute