وينفذون أَحْوَال الدولة بَين يَدي السُّلْطَان بِمُقْتَضى علمهمْ وَحسب اختيارهم فتمضي الْأُمُور على ذَلِك وَلَا يشاركهم أحد فِي شَيْء من أَحْوَال الدولة. وَفِيه قدم الْأَمِير كشلى الإدريسي من حلب فِي تَاسِع عشره بِكِتَاب الْأَمِير أرقطاى نَائِب حلب أَنه قدمهَا فِي ثَانِيه فَكَانَت جملَة مَا أنعم بِهِ عَلَيْهِ من ذهب وخيل وقماش نَحْو مائَة ألف دِرْهَم. وَفِيه كتب لنائب الشَّام أرغون شاه أَن يعْمل بِرَأْيهِ فِي نِيَابَة دمشق ويتحكم فِي جَمِيع الْأَحْوَال من غير مُشَاورَة. وَفِي مستهل ذِي الْحجَّة: قدم الْأُمَرَاء المجردون الْوَجْه القبلي وَقد أثروا آثارا قبيحة من سفك الدِّمَاء وَنهب الْأَمْوَال بِغَيْر حق فَإِن أَرْبَاب الجرائم فروا فِي الْبَريَّة فأوقعوا بأصحاب الزروع. وَفِيه كتب لطغيه كاشف الْوَجْه القبلي برمي الشّعير على بِلَاد الْأُمَرَاء والأجناد وجباية عشرَة آلَاف أردب مِنْهَا بِسعْر عشرَة دَرَاهِم الأردب فَطلب طغيه مقطعي الْبِلَاد وَفرق فيهم المَال وواتفق فِي هَذِه السّنة حُدُوث حر شَدِيد لم يعْهَد مثل بِأَرْض مصر مُدَّة أَيَّام ثمَّ أعقب الْحر ريح من جِهَة برقه مرت بِبِلَاد الْبحيرَة والغربية تحمل تُرَابا أصفر بلون الزَّعْفَرَان لبس الزَّرْع لبساً حَتَّى أيس النَّاس مِنْهُ. فَبعث الله مَطَرا مُدَّة يَوْم وَلَيْلَة غسلت ذَلِك التُّرَاب كُله فَأصْبح من غَد يَوْم الْمَطَر وَقد جَاءَ تُرَاب أصفر أَشد من الأول وَالزَّرْع مبتل فلصق بالزروع وَاسْتمرّ عَلَيْهَا. وَقد خامر الْيَأْس من الزروع قُلُوب النَّاس وتيقنوا الْهَلَاك فتدارك الله النَّاس بِلُطْفِهِ وَبعث ندا كثيرا فِي الأسحار فأنحل التُّرَاب عَن أَخّرهُ وَلما أدْركْت الغلال لحقها بعض الهيف. وَفِيه قدم كثير من أهل دمشق للسعي من بَاب الْوَزير منجك فِي المباشرات مِنْهُم ابْن السلعوس وَصَلَاح الدّين بن الْمُؤَيد وَابْن الْأَجَل وَابْن عبد الْحق فولى ابْن الْأَجَل نظر الشَّام وَتوجه إِلَى دمشق فَضَربهُ الْأَمِير أرغون شاه نَائِب الشَّام ضربا مؤلماً وَأخذ خلعته وَكتب بِسَبَبِهِ إِلَى مصر يغض مِنْهُ فرسم أَن من طلب وَظِيفَة بِغَيْر كتاب نَائِب الشَّام شنق وَأخذ مَاله. وَفِيه اسْتَقر جمال الدّين مُحَمَّد بن زين الدّين عبد الرَّحِيم المسلاتي فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق عوضا عَن شرف الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن ظافر بعد وَفَاته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute