للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَدخلت غاسلة مرّة لتغسل امْرَأَة فَلَمَّا جردتها من ثِيَابهَا وَمَرَّتْ بِيَدِهَا على مَوضِع الكبة صاحت وَسَقَطت ميته فَوجدَ فِي بعض أصابعها كبة بِقدر الفولة. وامتلأت الْمَقَابِر من بَاب النَّصْر إِلَى قبَّة النَّصْر طولا وَإِلَى الْجَبَل عرضا. وامتلأت مَقَابِر الحسينية إِلَى الريدانية ومقابر خَارج بَاب المحروق والقرافة. وَصَارَ النَّاس يبيتُونَ بموتاهم على الترب لعجزهم عَن تواريهم. وَكَانَ أهل الْبَيْت يموتون جَمِيعًا وهم عشرات فَمَا يُوجد لَهُم سوى نعش وَاحِد ينقلون فِيهِ شَيْئا بعد شَيْء. وَأخذ كثير من النَّاس دوراً وأثاثاً وأموالا من غير اسْتِحْقَاق لمَوْت مستحقيها فَلم يتمل أَكْثَرهم. مِمَّا أَخذ وَمَات وَمن عَاشَ مِنْهُم اسْتغنى بِهِ. وَأخذ كثير من الْعَامَّة إقطاعات الْحلقَة وَقَامَ الْأَمِير شيخو والأمير مغلطاي أَمِير آخور بتغسيل النَّاس وتكفينهم ودفنهم. وَبَطلَت الأفراح والأعراس من بَين النَّاس فَلم يعرف أَن أحدا عمل فَرحا فِي مُدَّة الوباء وَلَا سمع صَوت غناء. وتعطل الْأَذَان من عدَّة مَوَاضِع وَبَقِي فِي الْموضع الْمَشْهُور بِأَذَان وَاحِد. وَبَطلَت أَكثر طبلخاناه الْأُمَرَاء وَصَارَ فِي طبلخاناه الْمُقدم ثَلَاثَة نفر بَعْدَمَا كَانُوا خَمْسَة عشر. وغلقت أَكثر الْمَسَاجِد والزوايا. وَاسْتقر أَنه مَا ولد أحد فِي هَذَا الوباء إِلَّا وَمَات بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ وَلَحِقتهُ أمه. وَشَمل فِي آخر السّنة الفناء بِلَاد الصَّعِيد بأسرها وتعطلت دواليبها. وَلم يدْخل الوباء ثغر أسوان فَلم يمت بِهِ سوى أحد عشر إنْسَانا. وَطلب بِنَاحِيَة بهجورة شَاهد فَلم يُوجد وَخرج من مَدِينَة أخميم شَاهد مساحة مَعَ قاضيها بقياسين لقياس بعض الْأَرَاضِي فعندما وضعت القصبة للْقِيَاس سقط أحد القياسين فَحَمله رَفِيقه إِلَى الْبَلَد فَسقط بجنبه وَمَات وَأخذت الشَّاهِد الْحمى. وَاجْتمعَ ثَلَاثَة بِنَاحِيَة أبيار وَكَتَبُوا أوراقاً بِأَسْمَائِهِمْ وَمن يَمُوت مِنْهُم قبل صَاحبه فطلعت الأوراق. بِمَوْت وَاحِد بعد آخر فَمَاتَ الثَّلَاثَة على مَا طلع فِي الأوراق وَكتب بذلك محْضر ثَابت قدم إِلَى الْقَاهِرَة. وَكَانَت البزداريه إِذا رمت طيراً من الْجَوَارِح على طَائِر ليصيده وجد الصَّيْد وَفِيه كبة كالبندقة وَلم تذبح أوزة وَلَا شَيْء من الطُّيُور إِلَّا وجد فِيهِ كبة. وَوجدت طيور

<<  <  ج: ص:  >  >>