كَثِيرَة فِي الزروع ميتَة مَا بَين غربان وحدأة وَغَيرهَا من سَائِر أَصْنَاف الطُّيُور فَكَانَت إِذا نتفت وجد فِيهَا أثر الكبة. وَمَاتَتْ القطاط حَتَّى قل وجودهَا. وتواترت الْأَخْبَار من الْغَوْر وبيسان وَغير ذَلِك من النواحي أَنهم كَانُوا يَجدونَ الْأسود والذئاب والأرانب وَالْإِبِل وحمر الْوَحْش والخنازير وَغَيرهَا من الوحوش ميتَة وفيهَا أثر الكبة. وَكَانَت الْعَادة إِذا خرج السُّلْطَان إِلَى سرحة سرياقوس يقلق النَّاس من كَثْرَة الحدأة والغربان وتحليقها على مَا هُنَاكَ من اللحوم الْكَثِيرَة فَلم يُشَاهد مِنْهَا شَيْء مُدَّة شهر رَمَضَان وَالسُّلْطَان هُنَاكَ لفنائها. وَكَانَت بحيرات السّمك بدمياط ونستراوة وسخا تُوجد أسماكها الْكَثِيرَة طافية على المَاء وفيهَا الكبة. وَكَذَلِكَ كلما يصطاد مِنْهَا بِحَيْثُ امْتنع النَّاس من أكله. وَكثر عناء الأجناد وَغَيرهم فِي أَمر الزَّرْع فَإِن الوباء ابْتَدَأَ فِي آخر أَيَّام التخضير فَكَانَ الحراث يمر ببقره وهى تحرث فِي أَرَاضِي الرملة وغزة والساحل وَإِذا بِهِ يخر مَيتا والمحراث فِي يَده وَيبقى بقره بِلَا صَاحب. ثمَّ كَانَ الْحَال كَذَلِك بأراضي مصر فَمَا جَاءَ أَوَان الْحَصاد حَتَّى فني الفلاحون وَلم يبْقى مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل فَخرج الأجناد وغلمانهم لتحصد وَنَادَوْا من يحصد وَيَأْخُذ نصف مَا يحصده. فَلم يَجدوا من يساعدهم على ضم الزروع ودرسوا غلالهم على خيوهم وذروها بِأَيْدِيهِم وعجزوا عَن كثير من الزَّرْع فَتَرَكُوهُ. وَكَانَت الإقطاعات قد كثر تنقلها من كَثْرَة موت الأجناد بِحَيْثُ كَانَ الإقطاع الْوَاحِد يصير من وَاحِد إِلَى آخر حَتَّى يَأْخُذهُ السَّابِع وَالثَّامِن. فَأخذ إقطاعات الأجناد أَرْبَاب الصَّنَائِع من الخياطين والإسكافية والمنادمين وركبوا الْخُيُول ولبسوا تكلفتاه والقباء. وَلم يتَنَاوَل أحد من إقطاعه مغلا كَامِلا وَكثير مِنْهُم لم يحصل لَهُ شَيْء. فَلَمَّا كَانَ أَيَّام النّيل وَجَاء أَوَان التخضير تعذر وجود الرِّجَال فَلم يخضر إِلَّا نصف الْأَرَاضِي. وَلم يُوجد أحد يَشْتَرِي القرط الْأَخْضَر وَلَا من يرْبط عَلَيْهِ خيوله فَانْكَسَرت بِلَاد الْملك من ضواحي الْقَاهِرَة مثل المطرية وَالْخُصُوص وسرياقوس وبهتيت. وَتركت. ألف وَخَمْسمِائة فدان براسيم بِنَاحِيَة ناي وطنان فَلم يُوجد من يَشْتَرِيهَا لرعي دوابه وَلَا من يعملها دريسا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute