وخلت بِلَاد الصَّعِيد مَعَ اتساع أرْضهَا بِحَيْثُ كَانَت مكلفة مساحي أَرض سيوط تشْتَمل على سِتَّة آلَاف نفر يَجِيء مِنْهُم الْخراج فَصَارَت فِي سنة الوباء هَذِه تشْتَمل على مائَة وَسِتَّة عشر نَفرا وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ سعر الْقَمْح لَا يتَجَاوَز خَمْسَة عشر درهما الأردب. وتعطلت أَكثر الصَّنَائِع وَعمل كثير من أَرْبَاب الصَّنَائِع أشغال الْمَوْتَى وتصدى كثير مِنْهُم للنداء على الْأَمْتِعَة. وانحط سعر القماش وَنَحْوه حَتَّى أبيع بِخمْس ثمنه وَأَقل وَلم يُوجد من يَشْتَرِيهِ وَصَارَت كتب الْعلم يُنَادى عَلَيْهَا بالأحمال فَيُبَاع الْحمل مِنْهَا بأبخس ثمن واتضعت أسعار المبيعات كلهَا حَتَّى كَانَت الْفضة النقرة الَّتِي يُقَال لَهَا. بِمصْر الْفضة الْحجر تبَاع الْعشْرَة مِنْهَا بِتِسْعَة دَرَاهِم كاملية. وَبَقِي الدِّينَار بِخَمْسَة عشر درهما بَعْدَمَا كَانَ بِعشْرين. وعدمت جَمِيع الصَّنَائِع فَلم يُوجد سقاء وَلَا بَابا وَلَا غُلَام. وَبَلغت جامكية غُلَام الْخَيل ثَمَانِينَ درهما فِي كل شهر بعد ثَلَاثِينَ درهما. فَنُوديَ بِالْقَاهِرَةِ من كَانَت لَهُ صَنْعَة فَليرْجع إِلَى صَنعته وَضرب جمَاعَة مِنْهُم. وَبلغ ثمن راوية المَاء إِلَى ثَمَانِيَة دَرَاهِم لقلَّة الرّحال وَالْجمال وَبَلغت أُجْرَة طحن الأردب الْقَمْح خَمْسَة عشر درهما. وَيُقَال إِن هَذَا الوباء أَقَامَ على أهل الأَرْض مُدَّة خمس عشرَة سنة وَقد أَكثر النَّاس من ذكره فِي أشعارهم فَقَالَ الأديب زين الدّين عمر بن الوردي من مقامة عَملهَا: إسكندرية ذَا الوبا سبع يمد إِلَيْك ضبعه صبرا لقسمتك الَّتِي تركت من السّبْعين سبعه وَقَالَ: أصلح الله دمشقاً وحماها عَن مسبه وَقَالَ: إِن الوبا قد غلبا وَقد بدا فِي حَلبًا قَالُوا لَهُ عي الورى كَاف ورا قلت وبا وَقَالَ: الله أكبر من وباء قد سبا ويصول فِي الْعُقَلَاء كَالْمَجْنُونِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute