للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَدخلت سنة أَربع وَتِسْعين فانتشر من وصل فِي الْبَحْر من الفرنج بِبِلَاد السَّاحِل وملكوا قلعة بيروت وَقتلُوا عدَّة من الْمُسلمين فِي أَطْرَاف بِلَاد الْقُدس وأسروا وغنموا شَيْئا كثيرا فَبعث الْملك الْعَادِل إِلَى الْقَاهِرَة يطْلب من الْعَزِيز نجدة فسارت إِلَيْهِ العساكر من مصر وَمن الْقُدس وَغَيرهَا. ثمَّ خرج الْملك الْعَزِيز بِنَفسِهِ وَمَعَهُ سَائِر عَسَاكِر مصر لقِتَال الفرنج فَنزل على الرملة فِي سادس عشري صفر وَقدم الصلاحية والأسدية وَعَلَيْهِم الْأَمِير شمس الدّين سنقر الدوادار وسرا سنقر وعلاء الدّين شقير وعدة من الأكراد فَلَحقُوا الْعَادِل وَهُوَ على تبنين. وَسَار الْعَزِيز فِي أَثَرهم فَكَانَت بَينهم وَبَين الفرنج وقائع شهيرة آلت إِلَى رحيل الفرنج إِلَى صور وَركب الْعَادِل والعزيز أقفيتهم فَقتلُوا مِنْهُم. وَترك الْعَزِيز العساكر عِنْد الْعَادِل وَرجع إِلَى الْقَاهِرَة فِي ثامن جُمَادَى الْآخِرَة قبل انْفِصَال الْحَال مَعَ الفرنج من أجل أَن مَيْمُون القصري وَأُسَامَة وسرا سنقر والحجاف وَابْن المشطوب كَانُوا قد عزموا على قَتله فَلَمَّا بلغه ذَلِك رَحل إِلَى الْقَاهِرَة فَخرج النَّاس إِلَى لِقَائِه وَكَانَ يَوْمًا مشهودا. وَوَقعت الْهُدْنَة بَين الْعَادِل وَبَين الفرنج سنة ثَلَاث سِنِين وَعَاد الْعَادِل إِلَى دمشق. وَفِي رَجَب: تجدّد للعادل والعزيز رَأْي فِي تخريب عسقلان وتعفية جدرانها وَهدم بنيانها. فندب من الْقُدس جمَاعَة لتغليقها وَحط أبرجة سورها فَتلفت مَدِينَة لَا مثل لَهَا وثغر لَا نَظِير لَهُ فِي الثغور وَعمارَة لَا تخلف الْأَيَّام مَا تلف بهَا لعجز الْمُلُوك عَن ممانعة الفرنج بِالسِّلَاحِ واضطرارهم إِلَى هدم المدن وتعفية رسومها. وَفِي شعْبَان: ركب قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين بن درباس لرقبة الْهلَال وكلف الشُّهُود مَا بَين شمعتي كل شَاهد إِلَى شمعة. فَخَرجُوا بالشموع وَقد كثر الْجمع والشمع واحتفل الموكب وثقلت على الشُّهُود الْوَطْأَة. وَفِيه أَمر الْملك الْعَزِيز بِمَنْع الْبناء فِي الْمَوَاضِع الَّتِي كَانَ الْأُمَرَاء قد شرعوا فِي بنائها على النّيل واستولوا فِيهَا على السَّاحِل فَخرج الجاندارية وألزموا كل من حفر أساسا بردمه فامتثل الْأَمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>