البندقانيين إِلَى دكاكين الرسامين ودكاكين الفقاعين والفندق المجاور لَهَا وَالرّبع علوة. وتعلقت. بِمَا نجاه ذَلِك من الدّور الْمُجَاورَة لبيت المظفر بيبرس الجاشنكير فأحرقت الرّبع واتصلت بزقاق الْكَنِيسَة إِلَى بَيت كريم الدّين بن الصاحب أَمِين الدّين إِلَى بير الدلاء الَّتِي كَانَت تعرف قَدِيما ببئر زويلة فأحرقت النَّار الدكاكين وَالرّبع المجاور لدار الجوكندار وَلم يبْق إِلَّا أَن تصل إِلَى دَار عَلَاء الدّين على بن فضل الله كَاتب السِّرّ وَعظم الْأَمر والأمراء جَمِيعهم على أَرجُلهم. بِمن مَعَهم والمقيدون بِالْمَسَاحِي بَين أَيْديهم تهدم الدّور وتطفي النَّار وَالنَّاس فِي أَمر مريج. وَبينا أَصْحَاب الدَّار فِي نقلة مَتَاعهمْ خوفًا من وُصُول النَّار إِلَيْهِم إِذا بالنَّار قد ظَهرت عِنْدهم فينجون بِأَنْفسِهِم ويتركون أَمْوَالهم حَتَّى شَمل الْهدم والحريق مَا هُنَالك من العمائر. وَلم يبْق بِالْقَاهِرَةِ سقاء إِلَّا وأحضر لإطفاء الْحَرِيق وَكَانَت الْجمال تحمل الروايا بِالْمَاءِ من بَاب زويلة إِلَى البندقانيين. واستمرت النَّار يَوْمَيْنِ وليلتين وَجَمِيع الْأُمَرَاء وقُوف حَتَّى خف اللهب. فَوكل بالحريق بعض الْأُمَرَاء مَعَ الْوَالِي وَمضى بَقِيَّتهمْ إِلَى بُيُوتهم وبهم من التَّعَب مَا لَا يُوصف. فأقامت النَّار بعد انصرافهم ثَلَاثَة أَيَّام وَهِي تطفا فَكَانَ حريقا مهولا ذهب فِيهِ من الْأَمْوَال مَا لَا ينْحَصر. وامتد الْحَرِيق إِلَى قيسارية طشتمر وَربع بكتمر ثمَّ صَارَت النَّار تُوجد بعد ذَلِك فِي مَوَاضِع عديدة من الْقَاهِرَة وظواهرها. وَوجد فِي بعض الْمَوَاضِع الَّتِي بهَا الْحَرِيق كعكات زَيْت ومطران وَوجد فِي بَعْضهَا نشابة فِي وَسطهَا نفط. وَكَانَ أَكثر الْأَمَاكِن تقع النَّار بسطحها وَلم يعرف من فعل ذَلِك فَنُوديَ باحتراس النَّاس على أملاكهم من الْحَرِيق فَلم يبْق جليل وَلَا حقير حَتَّى اتخذ عِنْده أوعية ملأها مَاء. وَلم يزل الْحَرِيق فِي الْأَمَاكِن إِلَى أثْنَاء شهر ربيع الأول فَقبض فِي هَذِه الْمدَّة على كثير من أوباش الْعَامَّة وقيدوا ليكونوا عونا على إطفاء الْحَرِيق ففر معظمهم من الْقَاهِرَة. ثمَّ نُودي أَلا يُقيم بِالْقَاهِرَةِ غَرِيب ورسم للخفراء تتبعهم وإحضارهم. وتعب وَالِي الْقَاهِرَة فِي مُدَّة الْحَرِيق تعباً لَا يُوصف فَإِنَّهُ أَقَامَ مُدَّة شهر لَا يكَاد ينَام هُوَ وحفدته فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو وَقت من صَيْحَة تقع بِسَبَب الْحَرِيق فَذَهَبت دور كَثِيرَة. ثمَّ وَقع بعد شهر. بِمصْر حريق فِي شونة حلفاء بجوار مطابخ السُّلْطَان وبعدة أَمَاكِن. وَفِي يَوْم السبت حادي عشرى ربيع الأول: سمر حمام وَعَبده الَّذِي كَانَ يحمل سلاحه وَثَلَاثَة نفر. وَكَانَ قد عظم فَسَاده وَكثر هجومه على الدّور وَأخذ مَا فِيهَا وَقتل من يمنعهُ وأعيا الْوُلَاة أمره حَتَّى أوقعه الله وَكفى شَره.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute