للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بغا وقشتمر وألطنبغا الزامر وملكتمر فعندما وصلوا إِلَيْهِم قيدوهم وبعثوهم إِلَى خزانَة كايل فسجنوا بهَا. فشق ذَلِك على السُّلْطَان وَبكى وَقَالَ: قد نزلت عَن السلطنة وسير إِلَيْهِم النجَاة فسلموها للأمير طيبغا المجدي. وَقَامَ السُّلْطَان إِلَى حريمه فَبعث الْأُمَرَاء الْأَمِير صرغتش وَمَعَهُ الْأَمِير قطلوبغا الذَّهَبِيّ وَجَمَاعَة ليأخذه ويحبسه. فطلعوا إِلَى القلعة راكبين إِلَى بَاب الْقصر الأبلق ودخلوا إِلَى النَّاصِر حسن وأخذوه من بَين حرمه فَصَرَخَ النِّسَاء صراخاً عَظِيما وصاحت سِتّ حدق على صرغتمش صياحاً مُنْكرا وسبته وَقَالَت: هَذَا جَزَاؤُهُ مِنْك. فَأخْرجهُ صرغتمش وَقد غطى وَجهه إِلَى الرحبة فَلَمَّا رأه الخدام والمماليك تباكوا عَلَيْهِ بكاءاً كثيرا. وطلع صرغتمش بِهِ إِلَى رواق فَوق الإيوان ووكل بِهِ من يحفظه وَعَاد إِلَى الْأُمَرَاء. وَكَانَت مدَّته ثَلَاث سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا مِنْهَا مُدَّة الْحجر عَلَيْهِ ثَلَاث سِنِين وَمُدَّة استبداده تِسْعَة أشهر وَكَانَ الْقَائِم بدولته الْأَمِير شيخو رَأس نوبَة وَإِلَيْهِ أَمر خزانَة الْخَاص - ومرجع ذَلِك إِلَى علم الدّين بن زنبور نَاظر الْخَاص - والأمير بيبغاروس نَائِب السلطة وَإِلَيْهِ حكم الْعَسْكَر وتدبره وَالْحكم بَين النَّاس والأمير منجك الْوَزير الأستادار مقدم المماليك وَإِلَيْهِ التَّصَرُّف فِي أَمْوَال الدولة وَالْمُتوَلِّيّ لتربيته خوند طغاي أم آنوك وَفِي خدمته سِتّ حدق. ورتب لَهُ فِي كل يَوْم مائَة دِرْهَم تصرف لخدامه من خزانَة الْخَاص فَكَانَ كَذَلِك فِي طوع الْأُمَرَاء يصرفونه على حسب اختيارهم إِلَى أَن نفرت نفوس الْأُمَرَاء الخاصكية من الْوَزير منجك وحسدوه على مَا هُوَ فِيهِ وَكَانَ أَشَّدهم عَلَيْهِ حقدا الْأَمِير مغلطاي والأمير طاز. وَكَانَ الْأَمِير شيخو يفهم عَنهُ إِلَى أَن خرج الْأَمِير بيبغا روس إِلَى الْحَج وَخرج الْأَمِير شيخو إِلَى السرحة بالعباسة وَقع الِاتِّفَاق على ترشيد السُّلْطَان ومسك منجك كَمَا تقدم. فاستبد السُّلْطَان بِالتَّصَرُّفِ وَأخذ أَمْوَال الْأُمَرَاء الْمَقْبُوض عَلَيْهِم وفرقها فِي خواصه. ثمَّ اخْتصَّ بطاز وَبَالغ فِي الإنعام عَلَيْهِ واستخص قشتمر وألطنبغا وملكتمر وتنكز بغا وجعلهم ندماءه فِي اللَّيْل ومشيريه فِي النَّهَار فَلم يكن يفارقهم أبدا لَيْلًا وَلَا نَهَارا وسوغهم من الْأَمْلَاك وأنعم عَلَيْهِم من الْجَوَاهِر وَالْأَمْوَال بِشَيْء جليل إِلَى الْغَايَة وَأعْرض عَن الْأُمَرَاء فَلم يلْتَفت إِلَيْهِم حَتَّى كَانَ مَا كَانَ من خلعه. وَكَانَت أَيَّامه شَدِيدَة كثرت فِيهَا المغارم بالنواحي وَخَربَتْ عدَّة أَمْلَاك على النّيل واحترقت مَوَاضِع كَثِيرَة بِالْقَاهِرَةِ ومصر وخرحت عربان العايد وثعلبة وعشير الشَّام وعرب الصَّعِيد عَن الطَّاعَة وَاشْتَدَّ فسادهم وَكثر قطعهم الطرقات. وَكَانَ الفناء الْعَظِيم الَّذِي لم يعْهَد مثله وتوالي شراقي الْأَرَاضِي وتلاف الجسور وَقيام ابْن وَاصل

<<  <  ج: ص:  >  >>