وَكَانَ طاز لما دخل على السُّلْطَان عرفه أَن الْأَمِير بيبغا ططر حارس الطير النَّائِب والأمراء اتَّفقُوا على إِعَادَة النَّاصِر حسن إِلَى السلطنة وَأَخذه فِي مماليكه وَنزل بِهِ من بَاب السِّرّ إِلَى الإصطبل. واستدعى السُّلْطَان بِالْخَيْلِ ليركب فَقعدَ بِهِ أيدغدي أَمِير آخور وَاحْتج بقلة السُّرُوج فَإِنَّهُ كَانَ ممالئاً لمغلطاي فَأخذ المماليك مَا وجدوه وَخَرجُوا بالسلطان ودقت الكوسات. فَاجْتمع إِلَيْهِ الْأُمَرَاء والأجناد والمماليك السُّلْطَانِيَّة من كل جِهَة حَتَّى عظم جمعه فَلم تغرب الشَّمْس إِلَّا وَالْمَدينَة قد غلقت والرميلة قد امْتَلَأت بالعامة. وَسَار طاز بالسلطان يُرِيد قبَّة النَّصْر حَتَّى يعرف خبر صرغتمش فَوَافى قبَّة النَّصْر بعد الْمغرب. وَأما صرغتمش فَإِنَّهُ تَمَادى فِي طلب مغلطاي ومنكلى بغا حَتَّى أظلم اللَّيْل فَلم يشْعر إِلَّا. بمملوك الْأَمِير بيبغا ططر حارس الطير النَّائِب قد أَتَاهُ برسالة النَّائِب أَن مغلطاي عِنْده فِي بَيت آل ملك بالحسينية فَبعث جمَاعَة لأَخذه. وَمر صرغتمش فِي طلب منكلى بغا فَلَقِيَهُ الْأَمِير مُحَمَّد بن بكتمر الحاحب وعرفه أَن منكلى بغا نزل قَرِيبا من قناطر الأميرية ووقف يُصَلِّي وَأَن طلب الْأَمِير مجد الدّين مُوسَى الهذباني كَانَ قد جَاءَ من جِهَة كوم الريش. وَلحق بالأمير منكلى بغا الْأَمِير أرغون الْمَكِّيّ فِي جمَاعَة فقبضوا عَلَيْهِ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي وكتفوه بعمامته وأركبوه بعد مَا نكلوا بِهِ. فَلم يكن غير قَلِيل حَتَّى أَتَوا بِهِ وبمغلطاي فقيدا وسجنا بخزانة شمائل ثمَّ أخرجَا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة ومعهما ابْن منكلى بغا فسجنوا بهَا وَأَقْبل صرغتمش وَمن مَعَه إِلَى السُّلْطَان بقبة النَّصْر وعرفه بمسك الأميرين فسر سُرُورًا كَبِيرا وَنزل هُوَ والأمراء وَبَاتُوا عِنْد قبَّة النَّصْر. وَركب السُّلْطَان بكرَة يَوْم السبت ثالثه إِلَى القلعة وَجلسَ بالإيوان وَدخل الْأُمَرَاء فهنأوه السَّلامَة وَنُودِيَ بالزينة. وَفِي الْحَال كتب باستدعاء الْأَمِير شيخو وَخرج جمَاعَة من الْأُمَرَاء ومماليكه إِلَى لِقَائِه. وَنزلت البشائر إِلَى بيُوت شيخو وبيبغا روس ومنجك وَكَانَ يَوْمًا مَذْكُورا وَبَات الْأُمَرَاء على تخوف. وَأما شيخو فَإِن حراقة أخي طاز وطقطاي وافت الاسكندرية يَوْم الْخَمِيس أول رَجَب فَخرج شيخو من السجْن وَهُوَ ضَعِيف وَركب الحراقة فِي الخليج وَأهل الْإسْكَنْدَريَّة فِي فَرح وسرور بخلاصه. فوافاه كتاب صرغتمش بِأَنَّهُ إِذا أَتَاك أيدمر بمرسوم توجهك إِلَى حماة لَا ترجع وَأَقْبل إِلَى الْقَاهِرَة فَأَنا مَعَك فَتغير لقرَاءَته وَعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute