منتن وَفِيه على رَأس البطرخة كبة قدر البندقة قد اسودت وَوجد فِي جَمِيع زراعات البرلس وبلحها وقثائها دود وَتلف أَكثر ثَمَر النّخل عِنْدهم. وَصَارَت الْأَمْوَات على الأَرْض فِي جَمِيع الْوَجْه البحري لَا يوحد من يدفنها. وَعظم الوباء بالمحلة حَتَّى أَن الْوَالِي كَانَ لَا يجد من يشكو إِلَيْهِ وَكَانَ القَاضِي إِذا أَتَاهُ من يُرِيد الْإِشْهَاد على وَصيته لَا يجد من الْعُدُول أحدا إِلَّا بعد عناء لقلتهم وَصَارَت الفنادق لَا تَجِد من يحفظها. وَعم الوباء جَمِيع تِلْكَ الْأَرَاضِي وَمَات الفلاحون بأسرهم فَلم يُوجد من يضم الزَّرْع. وزهد أَرْبَاب الْأَمْوَال فِي أَمْوَالهم وبذلوها للْفُقَرَاء. فَبعث الْوَزير منجك إِلَى الغربية كريم الدّين مُسْتَوْفِي الدولة وَمُحَمّد بن يُوسُف مقدم الدولة فِي جمَاعَة فَدَخَلُوا سنباط وسمنود وبوصير وسنهور وأبشيه وَنَحْوهَا من الْبِلَاد وَأخذُوا مَالا كثيرا لم يحضروا مِنْهُ سوى سِتِّينَ ألف دِرْهَم. وَعجز أهل بلبيس وَسَائِر بِلَاد الشرقية عَن ضم الزَّرْع لِكَثْرَة موت الفلاحين. وَكَانَ ابْتِدَاء الوباء عِنْدهم من أول فصل الصَّيف وَذَلِكَ فِي أثْنَاء ربيع الآخر. فجافت الطرقات وَغير ذَلِك. وألزم مُحَمَّد بن الكوراني وَالِي مصر بتحصيل بَنَات ابْن زنبور فَنُوديَ عَلَيْهِنَّ. وَنقل مَا فِي دور صهري ابْن زنبور وسلما لشاد الدَّوَاوِين. وَعَاد الْأَمِير صرغتمش إِلَى القلعة. فَطلب السُّلْطَان جَمِيع الْكتاب وعرضهم وَعين الْمُوفق هبة الله بن إِبْرَاهِيم للوزارة وَبدر الدّين كَاتب يلبغا لنظر الْخَاص وتاج الدّين أَحْمد بن الصاحب أَمِين الْملك عبد الله بن الغنام لنظر الْجَيْش وأخاه كريم الدّين لنظر الْبيُوت وَابْن السعيد لنظر الدولة وقشتمر مَمْلُوك طقزدمر لشد الدَّوَاوِين. وَفِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشريه: خلع عَلَيْهِم. فَأقبل النَّاس إِلَى طلب الْأَمِير صرغتمش للسعي فِي الْوَظَائِف فولي أسعد حَرْبَة اسْتِيفَاء الدولة وَولي كريم الدّين أكْرم بن شيخ ديوَان الْجَيْش. وَسلم الْأَمِير صرغتمش الْمَقْبُوض عَلَيْهِم لشاد الدَّوَاوِين وهم الْفَخر بن قزوينة نَاظر الْبيُوت وَالْفَخْر بن مليحة نَاظر الجيزة وَالْفَخْر مُسْتَوْفِي الصُّحْبَة وَالْفَخْر ابْن الرضي كَاتب الإصطبل وَابْن معتوق كَاتب الْجِهَات وَأكْرم الملكي. وَطلب التَّاج ابْن لفيتة نَاظر المتجر وناظر المطبخ وَهُوَ خَال ابْن زنبور فَلم يُوجد وكسبت بِسَبَبِهِ عدَّة بيُوت حَتَّى أَخذ. وَصَارَ الْأَمِير صرغتمش ينزل وَمَعَهُ نَاظر الْخَاص وشهود الخزانة وينقل حواصل ابْن زنبور من مصر إِلَى حارة زويلة بِالْقَاهِرَةِ فأعياهم كَثْرَة مَا وجدوا لَهُ. وتتبعت حَوَاشِي ابْن زنبور وهجمت دور كَثِيرَة بسببهم عدم لأربابها مَال عَظِيم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute