الدَّوَاوِين وَأمر بقتْله فعاقبه بقاعة الصاحب من قلعة الْجَبَل أَشد عُقُوبَة. فشق ذَلِك على الْأَمِير شيخو وعتب الْأَمِير طاز والأمير صرغتمش وَأَغْلظ فِي القَوْل وَمنع من التَّعَرُّض لِابْنِ زنبور وَأخرجه بعد الْمغرب من لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ تَاسِع عشريه وَحمله فِي النّيل إِلَى قوص. وَكَانَت مُدَّة شدته ثَلَاثَة أشهر. وَلما قدم الْحَاج أخبروا أَن الشريف عجلَان مضى قبل قدوم الْحَاج إِلَيْهِ من مَكَّة يُرِيد جدة لأخذ مكس التُّجَّار الواردين فِي الْبَحْر. فَبعث اليه أَخُوهُ ثقبة يطْلب نصِيبه من ذَلِك فَأبى عجلَان أَن يدْفع لَهُ شَيْئا فَركب إِلَيْهِ ولقيه. فَلَمَّا نزلا غدر ثقبة بعجلان وقبص عَلَيْهِ وَقَيده وأسلمه لمن يحفظه وَركب ليَأْخُذ أَمْوَال عجلَان من وَادي نَخْلَة. فَلَمَّا أبعد ثقبة فِي السّير أفرج الموكلون بعجلان عَنهُ وأطلقوه فَرمى نَفسه على عرب بِالْقربِ مِنْهُ وتذمم مِنْهُم. فأنزلوه عِنْدهم وأركبوه لَيْلًا وصاروا بِهِ إِلَى بني حسن وَبني شُعْبَة وَأقَام عجلَان مَعَهم خَارج مَكَّة وَمن الْأَخْبَار كَذَلِك أَن الْحَاج لما قدم مَكَّة لم يجد بهَا أحدا من بني حسن وَلَا من العبيد وَأَن أسعار مَكَّة رخية وَأَن الْمُجَاهِد بِالْيمن منع التُّجَّار من الْمَجِيء إِلَى مَكَّة غيظا من أمرائها. وَفِي أول صفر: قَامَ الْأَمِير صرغتمش فِي أَمر أوقاف ابْن زنبور يُرِيد حلهَا وَبَيْعهَا وَقد حسن لَهُ ذَلِك الشريف شرف الدّين عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد نقيب الْأَشْرَاف والشريف أَبُو الْعَبَّاس الصفراوي ولقناه فِي ذَلِك أموراً يحْتَج بهَا مِنْهَا أَن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون لما قبض على كريم الدّين الْكَبِير أَرَادَ أَخذ أوقافه فَلم يُوَافقهُ على ذَلِك قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن جمَاعَة فندب السُّلْطَان من شهد على كريم الدّين بإشهاده لَهُ على نَفسه أَن جَمِيع مَا ملكه من الْعقار وَغَيره - وَقفه وطلقه - هُوَ من مَال السُّلْطَان دون مَاله. فَلَمَّا ثَبت ذَلِك بطريقة صَارَت أَمْلَاك كريم الدّين بأجمعها للسُّلْطَان فَأقر مَا كَانَ مِنْهَا وَقفا على حَاله وسعاه الْوَقْف الناصري وَتصرف فِيمَا لَيْسَ بوقف. فَلَمَّا اجْتمع الْقُضَاة الْأَرْبَعَة بدار الْعدْل من قلعة الْجَبَل فِي يَوْم الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة على الْعَادة كَلمهمْ الْأَمِير صرغتمش فِي حل أوقاف ابْن زنبور فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة فِي الْإِنْكَار لذَلِك وساعده قَاضِي الْقُضَاة موفق الدّين عبد الله الْحَنْبَلِيّ وجبه صرغتمش بِكَلَام خشن وَقَالَ لَهُ: أخربت الْبَلَد بشرك يَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute