للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صبي. هَذَا وصرغتمش يحاججهم وَيذكر قَضِيَّة أوقاف كريم الدّين فأجاباه بِأَن كريم الدّين كَانَت بِيَدِهِ جَمِيع أَمْوَال السُّلْطَان كلهَا مَا بَين خزانته وحواصله ومتاجره يتَصَرَّف فِيهَا بِرَأْيهِ فَلهَذَا سَاغَ أَن يثبت الْإِشْهَاد عَلَيْهِ بِأَن جَمِيع أملاكه وعقاراته وَغَيرهَا إِنَّمَا هِيَ من مَال السُّلْطَان دون مَاله. وَأما من لَهُ مَال من متجر أَو اكْتَسبهُ من مُبَاشرَة وَنَحْوهَا فَلَيْسَ لأحد أَن يتَعَرَّض لمَاله وَلَا يجوز نقض شىء وَقفه من ذَلِك وَلَا أَخذ مَا ملكه أَو وهبه من يَد من هُوَ فِي أَيْديهم فَإِن جَمِيع تَصَرُّفَاته فِي مَاله سَائِغَة بطريقها. فَذكر لَهُم صرغتمش أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ شاطر عماله وَمَال الْوَزير جَمِيعه إِنَّمَا هُوَ مَال السُّلْطَان. فَعرض لَهُ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين بِذكر الشريفين عَليّ بن حُسَيْن وَأبي الْعَبَّاس الصفراوي وَقَالَ يَا أَمِير: إِن كنت تبحث مَعنا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بحثنا مَعَك وَإِن كَانَ أحد ذكرهَا لَك فليحضر حَتَّى نناظره فِيهَا فَإِنَّهُ مَا قصد بِذكر هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَّا مصادرة سَائِر النَّاس وَأخذ أَمْوَالهم وَقَامُوا على الِامْتِنَاع وَالْإِنْكَار على من يُرِيد هَذَا وَنَحْوه. وَكَانَ صرغتمش قد وعد أم السُّلْطَان بِالدَّار الْمَعْرُوفَة بالسبع قاعات من أوقاف ابْن زنبور فَبعث لقَاضِي الْقُضَاة عز الدّين فِي ذَلِك فخوفها عَاقِبَة ذَلِك ومازال بهَا حَتَّى أَعرَضت عَن طلبه. فشق ذَلِك على الْأَمِير صرغتمش وَاشْتَدَّ حنقه حَتَّى مرض عدَّة أَيَّام مَرضا خيف عَلَيْهِ مِنْهُ فَتصدق بأموال جزيلة على الْفُقَرَاء وافتك أهل السجون. وَفِي أثْنَاء ذَلِك اتّفق الأميران شيخو وطاز على عزل صرغتمش من وَظِيفَة رَأس نوبَة ليقل شَره وتنحط رتبته وَيعود الْأَمِير شيخو رَأس نوبَة. فَلَمَّا عوفي صرغتمش نزل من القلعة إِلَى إصطبله المجاور لمدرسته فأشعلت لَهُ الشموع وَفَرح بِهِ سكان الصليبة وَتصدق صرغتمش بِمَال كَبِير. وَفِيه اجْتمع الْأُمَرَاء بِالْقصرِ بَين يَدي السُّلْطَان فِي الْخدمَة على الْعَادة وَذكروا أَمر توقف حَال الدولة من قلَّة حَاصِل بَيت المَال وخزانة الْخَاص وَأَن الْوَقْت مُحْتَاج إِلَى نظر الْأَمِير شيخو. وَكَانَ الْأَمِير شيخو مُنْذُ خرج من وَظِيفَة رَأس نوبَة ووليها الْأَمِير صرغتمش ترك التحدث فِي أَمر الدولة لصرغتمش وَصَارَ كالمشير. فَلَمَّا عينه الْأُمَرَاء فِي هَذَا الْيَوْم للتحدث كَمَا كَانَ امْتنع عَلَيْهِم فمازالوا بِهِ حَتَّى ألبوه التشريف وَولي على عَادَته بعد مَا شَرط عَلَيْهِم أَلا يتحدث أحد فِي أَمر جليل وَلَا حقير غَيره فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِك. وَفِيه خلع أَيْضا على الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بدر الدّين بيليك المحسني وَاسْتقر مشير الدولة رَفِيقًا للصاحب موفق الدّين على قَاعِدَة الأكوز فِي الدولة الناصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>