وَفِيه قدم الْبَرِيد من حلب بتعذر مسير القوافل من كَثْرَة فَسَاد الْعَرَب وقطعهم الطَّرِيق وَأَن سيف بن فضل تعجز عَن مقاومة عرب فياض بن مهنا وَأَن الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب أخرج مقدما من مقدميه فِي تجريدة لحفظ الطَّرِيق مَعَ بعض الْأُمَرَاء فكبسه الْعَرَب وقاتلوه فَقتل فِي المعركة وَأَن سيف بن فضل عمر بن مُوسَى ابْن مهنا لما الزمهما الْأَمِير أرغون الكاملى نَائِب حلب بتحصيل من قتل الْمَذْكُور ادعوا أَنهم من غير عربهم. وَكَانَ فياض لما كتب اليه بالحضور اعتذر عَن ذَلِك وَالْتزم بدرك الْبِلَاد وكف أَسبَاب الْفساد وَبعث ابْنه إِلَى السُّلْطَان رهينة بِمصْر. فَحَضَرَ سيف وَعمر بقود كَبِير من جمال وخيل فاعتنى الْأَمِير طاز بِسيف ومازال حَتَّى خلعه عَلَيْهِ وعَلى عمر وأستقرا فِي الإمرة. فَتوجه ولد فياض من مصر إِلَى أَبِيه وَأخْبرهُ بذلك فَاشْتَدَّ حنقه وَكثر قطعه الطَّرِيق وعزم على الْمسير إِلَى أَوْلَاد قراجا بن دلغادر وإحضارهم بجمائعهم لأخذ حلب. فانحصر الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب وضاق ذرعه. فَلَمَّا قدم كِتَابه اقْتضى الرَّأْي إرْسَال الْأَمِير جنتمر أخي طاز إِلَى الْأَمِير فياض وكتبت على يَده عدَّة كتب من السُّلْطَان والأمراء بتطمين خاطره وَالْحلف لَهُ الا يتَعَرَّض لَهُ بِسوء. فَركب الْأَمِير جنتمر فِي عشرَة سروج على الْبَرِيد ولقى فياضاً ومازال بِهِ حَتَّى أذعن لَهُ ووكب مَعَه بعد مَا بَالغ فِي إكرامه وَأكْثر من التقادم السّنيَّة لَهُ وَقدم إِلَى الْقَاهِرَة فِي عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة. وَفِيه أَخذ الْأَمِير صرغتمش من دَار ابْن زنبور بِالْقَاهِرَةِ مَا كَانَ بهَا من الرخام فَوجدَ فِي زواياها من أواني الصيني والنحاس وَمن القماش وَغَيره شَيْئا كثيرا. وَفِيه قدم عدَّة من النَّصَارَى بالغربية ووقفوا بدار الْعدْل من القلعة للسُّلْطَان وسالوا إِعَادَة كَنِيسَة النحريرية الَّتِي هدمها الْعَامَّة وعملوها مَسْجِدا. فَلم يجابوا لذَلِك وطردوا بعد ضَربهمْ وَكتب إِلَى متولى النَّاحِيَة أَن يعْمل لهَذَا الْمَسْجِد مناراً يُؤذن فِيهِ للصلوات الْخمس وتجدد عمَارَة الْمَسْجِد فامتثل ذَلِك. وَفِي شهر ربيع الآخر: وقفت أَحْوَال ديوانى الْخَاص والدولة حَتَّى إِن السُّلْطَان كَانَ إِذا استدعى بِشَيْء من الْخَاص يَقُول بدر الدّين نَاظر الْخَاص: مَا تمّ حَاصِل وَلَيْسَ لي مَال. وَتَأَخر من الدولة مَا يصرف للحوالج كاشية وأرباب الْمُرَتّب ونفقات مماليك السُّلْطَان. فَكثر الْإِنْكَار على بدر الدّين نَاظر الْخَاص وأسمعه الْأُمَرَاء مَا يكره فالتجأ إِلَى الْأَمِير صرغتمش وَكَانَ يعضده وَذكر لَهُ مَا هُوَ فِيهِ من الْعَجز. فوعده الْأَمِير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute