سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة أهلت والأمراض بالباردة فَاشِية فِي النَّاس وَقد ساءت أَحْوَالهم لطول مُدَّة أمراضهم. وفيهَا قدم الْأَمِير بيدمر نَائِب الشَّام وَمَعَهُ الْأَمِير جركتمر المارديني الْمُجَرّد بالحجاز وَقد قبض عَلَيْهِ وفيهَا عدى السُّلْطَان إِلَى بر الجيزة وَنزل بِنَاحِيَة كوم برا قَرِيبا من الأهرام. وفيهَا قبض على الْوَزير الصاحب فَخر الدّين ماجد بن خصيب وعَلى أَخِيه وحواشيه وأصهاره وأحيط بدياره وألزم بِمَال كَبِير. ثمَّ نفي إِلَى مصياف من بِلَاد الشَّام فَأَقَامَ بهَا سنة ونيفاً ثمَّ نقل إِلَى الْقُدس فَأَقَامَ هُنَاكَ أَربع سِنِين مَاتَ وَكَانَ قد أظهر فِي وزارته من الترفع والتعاظم أمرا زَائِدا. من ذَلِك أَنه ألزم جَمِيع مباشري الدولة وَالْخَاص وَعَامة المشدين بالركوب مَعَه إِذا ركب فَإِذا وصلوا بَين يَدَيْهِ إِلَى رَأس سوق الحريريين من الْقَاهِرَة نزل مقدم الدولة ومقدم الْخَاص ومضيا فِي ركابه إِلَى بَين القصرين ثمَّ نزلت طَائِفَة بعد طَائِفَة بِحَسب رتبهم وَمَشوا بَين يَدَيْهِ حَتَّى لَا يبْقى أحد رَاكب سواهُ إِلَى أَن يصل إِلَى دَاره بِرَأْس حارة زويلة فَإِن كَانَ فِي دَاره بِفَم الخور على النّيل نزل من ينزل من قنطرة قدادار وَمَشوا إِلَى دَاره وَهُوَ رَاكب فَإِذا مضى إِلَى الصِّنَاعَة بِمَدِينَة مصر نزل النَّاس من بَاب مصر وَبَقِي هُوَ وَأَخُوهُ راكبين. بمفردهما إِلَى الصِّنَاعَة وَالنَّاس جَمِيعًا مشَاة. وعنى بالأسمطة فَكَانَ يطْبخ دَائِما فِي كل يَوْم بداره ألف رَطْل من اللَّحْم سوى الدَّجَاج والأوز. وَكَانَ يبْعَث كل لَيْلَة بعد عشائه إِلَى بَين القصرين من الْقَاهِرَة فيشترى لَهُ. بمبلغ مِائَتَيْنِ وَخمسين درهما فضَّة مَا بَين قطا وسمان وفراخ وحمام وعصافير مقلوة. وتناهي فِي أَنْوَاع الْأَطْعِمَة الفاخرة واقترح عُلَبًا كبار للحلوى عرفت بعده مُدَّة سِنِين بالعلب الخصيبية. وَأَخْبرنِي الْوَزير الصاحب تَقِيّ الدّين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute