سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة فِي الْمحرم: ولى قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين عمر بن عبد الرَّحْمَن البسطامي الْحَنَفِيّ خطابة جَامع شَيْخُو خَارج الْقَاهِرَة بعد وَفَاة شهَاب الدّين أَحْمد بن الشّرف. وَفِيه سرح السُّلْطَان على الْعَادة إِلَى سرياقوس. وَتوجه الْأَمِير يلبغا الأتابك إِلَى بر الصَّيْد بالعباسة فورد الْبر فِي يَوْم السبت رَابِع عشرينه. بمنازلة الفرنج الْإسْكَنْدَريَّة وَأَنَّهُمْ قدمُوا يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشرينه. فسرح الطَّائِر بذلك إِلَى الْأَمِير يلبغا فَتوهم أَن تكون هَذِه مكيدة يكَاد بهَا فبادر وَدخل إِلَى دَاره خَارج الْقَاهِرَة وَتَبعهُ السُّلْطَان فَصَعدَ القلعة فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس عشرينه. فَلَمَّا تحقق الْأَمِير يلبغا الْخَبَر عدى النّيل من سَاعَته إِلَى الْبر الغربي وتلاحق بِهِ أَصْحَابه وَنُودِيَ بِالْقَاهِرَةِ: من تَأَخّر من الأجناد غَدا حل دَمه وَمَاله فَخرج النَّاس أَفْوَاجًا وَسَار السُّلْطَان بعساكره إِلَى الطرانة وَقدم عسكراً عَلَيْهِ الْأَمِير قطلوبغا المنصوري والأمير كوكنداي والأمير خَلِيل بن قوصون ليدركوا أهل الثغر فَقدر الله تَعَالَى فِي ذَلِك أَن أهل الثغر كَانَ قد بَلغهُمْ مُنْذُ أشهر إهتمام الفرنج بغزوهم فَكتب بذلك الْأَمِير صَلَاح الدّين خَلِيل بن عرام - متوفي الثغر - إِلَى السُّلْطَان والأمير يلبغا فَلم يكن من الدولة اهتمام بأمرهم. فَلَمَّا توجه ابْن عرام إِلَى الْحَج واستناب عَنهُ فِي الثغر الْأَمِير جنغرا - أحد أُمَرَاء العشرات - وَجَاء أَوَان قدوم مراكب البنادقة من الفرنج لَاحَ للناظور عدَّة قلاع فِي الْبَحْر. ثمَّ قدم فِي عسكره يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشرينه إِلَى الميناء ثَمَانِيَة أغربة وتلاها من الأغربة والقراقر مَا بلغت عدتهَا مَا بَين سبعين إِلَى ثَمَانِينَ قِطْعَة. فأغلق الْمُسلمُونَ أَبْوَاب الْمَدِينَة وركبوا الأسوار بِآلَة الْحَرْب وَخرجت طَائِفَة إِلَى ظَاهر الْبَلَد وَبَاتُوا يتحارسون. وَخَرجُوا بكرَة يَوْم الْخَمِيس يُرِيدُونَ لِقَاء الْعَدو فَلم يَتَحَرَّك الفرنج لَهُم طول يومهم وَلَيْلَة الْجُمُعَة. فَقدم بكرَة يَوْم الْجُمُعَة طوايف من عربان الْبحيرَة وَغَيرهم ومضوا جِهَة الْمنَار وَقد نزل من الفرنج جمَاعَة فِي اللَّيْل بخيولهم وكمنوا فِي الترب الَّتِي بِظَاهِر الْمَدِينَة. فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute