وَفِي يَوْم الْجُمُعَة سادسه: ركب المماليك الأجلاب اليلبغاوية لمحاربة الْأَمِير أسنْدَمُر الناصري الأتابك وطلبوه فِي أَن يسلمهم بيرم وأزدمر أَبُو دقن وجَرَكتمُر أَمِير مجْلِس فِي عدَّة أُخْرَى. فَلم يجد بدا من أَن يبْعَث إِلَى الْأُمَرَاء فَلَمَّا أَتَوْهُ قبض على الْأَمِير جَرَكتمُر والأمير أَزْدَمُر أَبُو دقن أَمِير سلَاح واِلأمير بيرم الْعُزَّى الدوادار والأمير يلبغا القوصوني أَمِير آخور والأمير كَبَك الصرغتمُشي الجوكندار وَحَملهمْ مقيدين إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة. فَلم يقنعهم ذَلِك وَبَاتُوا بسلاحهم وغدوا يَوْم السبت على حربهم وطلبوا مِنْهُ خَلِيل بن قوصون فسلمه إِلَيْهِم فَافْتدى نَفسه مِنْهُ بماية ألف دِرْهَم عجل مِنْهَا ربعهَا ورسموا عَلَيْهِ لقوم بباقيها وأهانه إهانة بَالِغَة ونزعوا السِّلَاح وَفِي باطنهم غل كثير ثمَّ تجمع أكابرهم فِي لَيْلَة الْأَحَد وَاتَّفَقُوا على قتل الْأَمِير أسنْدَمُر وَقتل السُّلْطَان وَإِقَامَة سُلْطَان غَيره وتحالفوا على ذَلِك وركبوا من ليلتهم وقصدوا القلعة فَأمر السُّلْطَان بالكوسات فدقت ليجتمع الْأُمَرَاء والعسكر وأحضر الْأَمِير خَلِيل بن قوصون وأركب مَعَه المماليك السُّلْطَانِيَّة وهم نَحْو الْمِائَتَيْنِ والأجلاب نَحْو الْألف وَخَمْسمِائة وَنُودِيَ فِي الْقَاهِرَة بركوب أجناد الْحلقَة وَحُضُور الْعَامَّة لقِتَال الأجلاب. وَكَانَت النُّفُوس قد مقتتهم لقبح سيرتهم وَكَثْرَة شرهم وَزِيَادَة تعديهم. فبادروا إِلَى تَحت القلعة زمراً زمراً وَركب الْأَمِير أسنبغا بن البوبكري والأمير قشتَمر المنصوري وَغَيره فتناولت الْعَامَّة الأجلاب بِالرَّجمِ من كل جِهَة وَتقدم إِلَيْهِم المماليك السُّلْطَانِيَّة والأمراء والأجناد وقاتلوهم فكسروهم. فَمَضَوْا فِي كسرتهم إِلَى الْأَمِير أسَندَمر. بمنزله من الْكَبْش ومازالوا بِهِ حَتَّى ركب مَعَهم فِي موكب عَظِيم وَمر على القرافة حَتَّى أَتَى من وَرَاء القلعة كَمَا فعل فِيمَا تقدم فَلم تثبت لَهُ المماليك السُّلْطَانِيَّة وانهزمت عِنْد رُؤْيَته فثبتت الْعَامَّة وَحدهَا لقتاله وتقدموا إِلَيْهِ ورموه بِالْحِجَارَةِ رمياً مُتَتَابِعًا وَهُوَ وَمن مَعَه يرموهم بالنشاب فَكَانَ بَين الْفَرِيقَيْنِ قتال شَدِيد شنيع قتل فِيهِ جمَاعَة مِنْهُمَا وطالت المعركة بَينهمَا فَعَادَت المماليك السُّلْطَانِيَّة والأمراء وحملوا هم والعامة على أسندمر والأجلاب حَملَة مُنكرَة فَلم يثبت لَهُم وَولى الأدبار بِمن مَعَه وَامْتنع بإصطبله من الْكَبْش وفت الظّهْر فَقبض من أَصْحَابه على الْأَمِير قرمش الصرغتمشي والأمير أقبغا آص الشيخوني والأمير أرسلان خجا وسجنوا بخزانة شمايل من الْقَاهِرَة. وَركب الْوَالِي عَن أَمر السُّلْطَان ونادى بِالْقَاهِرَةِ ومصر وظواهرهما من قدر على حد من الأجلاب فَلهُ سلبه وَيُعْطى كَذَا من المَال إِذا أحضرهُ فتتبعت الْعَامَّة عِنْد ذَلِك الأجلاب فِي الْأَزِقَّة والحارات وَأخذُوا مِنْهُم جمَاعَة وَركب الْأَمِير خَلِيل بن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute