قوصون إِلَى الْأَمِير أسنَدمر فَأَخذه من دَاره وطلع بِهِ إِلَى القلعة ليقيد ويسجن فشفع فِيهِ جمَاعَة من الْأُمَرَاء وقرروا عَلَيْهِ مَالا لينفق فِي مماليك السُّلْطَان فَقبل السُّلْطَان شفاعتهم وخلع عَلَيْهِ وَأقرهُ على حَاله فَنزل إِلَى دَاره فِي لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ وَمَعَهُ الْأَمِير خَلِيل بن قوصون مرسماً عَلَيْهِ حَتَّى يحضر من الْغَد بِالْمَالِ. فخدع أسندمر بن قوصون ووعده بِأَن يقيمه فِي السلطة فَإِنَّهُ ابْن بنت السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فانخدع ابْن قوصون وَمَال إِلَيْهِ وتحالفا على ذَلِك. فَبعث أسندَمُر فَجمع إِلَيْهِ الأجلاب وبذل فيهم المَال وَوَعدهمْ ومناهم فَمَا طلع نَهَار يَوْم الْإِثْنَيْنِ حَتَّى وكب أسندَمر وَابْن قوصون فِي جمع كَبِير ووقفا تَحت القلعة فَعَادَت الْحَرْب وَركب الْأُمَرَاء والأجناد وَخرج عَامَّة النَّاس فَكَانَ الْأُمَرَاء إِذا رَأَوْا ابْن قوصون بِجَانِب أسندمر انضموا إِلَيْهِ ظنا مِنْهُم أَنه سلطاني. فَأمر السُّلْطَان فدُقت الكوسات وَنزل إِلَى الإصطبل بِآلَة الْحَرْب فَاجْتمع إِلَيْهِ الْأُمَرَاء والمماليك السُّلْطَانِيَّة والعامة وَبعث إِلَى أسندَمُر وَابْن قوصون ليحضرا إِلَيْهِ فامتنعا وصرحا بِأَنَّهُمَا يُريدَان نزع السُّلْطَان من الْملك وَإِقَامَة غَيره فِي السلطة لتخمد الْفِتْنَة. فَلَمَّا عَاد جوابهما إِلَى السُّلْطَان بعث ثَانِيًا يخوفهما عَاقِبَة الْغدر فأظهرا أَنَّهُمَا أجابا وهمّا بالحضور ثمَّ سَلا سيفيهما وَمَرا ليفتكا بالسلطان وَقد ركب ووقف تَحت الإصطبل فتبعهما من مَعَهُمَا من الأجلاب وهم شاهرون السِّلَاح ليفعلا فعلهمَا. فبادر السُّلْطَان بالنداء فِي الْعَامَّة هَؤُلَاءِ مخامرون فارجموهم. فصاحت الْعَامَّة بأجمعهما مخامرين ورجموهم بِالْحِجَارَةِ ورمتهم المماليك السُّلْطَانِيَّة بالنشاب فَلم يكن غير سَاعَة حَتَّى انْكَسَرَ أسندمُر وَابْن قوصون وَقتل عدَّة من الأجلاب فَأَخَذتهم الْعَامَّة فِي هزيمتهم وَأتوا بهم إِلَى السُّلْطَان أَرْسَالًا وَقد نزعوا ثِيَابهمْ وكشفوا رؤوسهم ونالوا مِنْهُم مَا شفي صُدُورهمْ. ثمَّ قبضوا على خَلِيل ابْن قوصون من نَاحيَة المطرية وَأتوا بِهِ. ثمَّ أخذُوا أسندمر من نَحْو وَادي السِّدْرَة تجاه قبَّة النَّصْر. وَقبض على الْأَمِير ألطبغا اليلبغاوي والأمير سُلْطَان شاه بن قرا وهما من أُمَرَاء الألوف. وَقبض على أحد عشر أَمِير سوى هَؤُلَاءِ من اليلبغاوية وقيدوا وَمضى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute