للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اليوسفي الْحَاجِب وَقصد المشالقين فَفرُّوا مِنْهُم وبقى من هُنَاكَ من النظارة فَضرب عدَّة مِنْهُم بالمقارع. فتعصبت الْعَامَّة ووقفوا تَحت القلعة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء وَأَصْبحُوا يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشرينه كَذَلِك وهم يستغيثون ويضجون بالشكوى من الْوَالِي فأجيبوا بِأَن السُّلْطَان يعْزل عَنْكُم هَذَا الْوَالِي فَأَبَوا إِلَّا أَن يُسلمهُ إِلَيْهِم هُوَ والحاجبين. وَكَانَ الْوَالِي قد ركب على عَادَته بكرَة النَّهَار يُرِيد القلعة فرجمته الْعَامَّة حَتَّى كَاد يهْلك فالتجأ مِنْهُم بالإصطبل وظل نَهَاره فِيهِ والعامة وقُوف تَحت القلعة إِلَى قريب الْعَصْر وَكلما أمروا بِأَن يمضوا أَبَوا ولجوا فَركب إِلَيْهِم الْوَالِي فِي جمع موفور من مماليك الْأَمِير بَكتمُر المومني أَمِير آخور وَمن الأوجاقية فثارت الْعَامَّة ورجمتهم رجماً متداركاً حَتَّى كسروهم كسرة قبيحة فركبت المماليك السُّلْطَانِيَّة والأوجاقية وحملوا على الْعَامَّة وَقتلُوا مِنْهُم جمَاعَة وقبضوا على خلائق مِنْهُم وَركب الْأَمِير ألجاي اليوسفي وَقسم الخطط والحارات على الْأُمَرَاء والمماليك وَأمرهمْ بِوَضْع السَّيْف فِي النَّاس فجرت خطوب شنيعة قتل فِيهَا خلائق ذهبت دِمَاؤُهُمْ هدرا وأودعت السجون مِنْهُم طوائف وامتدت أَيدي الأجناد إِلَى الْعَامَّة حَتَّى أَنه كَانَ الجندي يدْخل إِلَى حَانُوت البياع من المتعيشين ويذبحه ويمضي. وَحكى بَعضهم أَنه قتل بِيَدِهِ فِي هَذِه الْوَاقِعَة من الْعَامَّة سَبْعَة عشر رجلا. وَكَانَت لَيْلَة الْخَمِيس تَاسِع عشرينه: من ليَالِي السوء وَأصْبح النَّاس وَقد بلغ السُّلْطَان الْخَبَر فشق عَلَيْهِ وَأنْكرهُ وَقَالَ للأمير بكتمر المومني عجلت بالأضحية على النَّاس وتوعده فَرَجَفَ فُؤَاده ونحب قلبه وَقَامَ فَلم يزل صَاحب فرَاش حَتَّى مَاتَ وَأمر السُّلْطَان بالإفراج عَن المسجونين وَنُودِيَ بالأمان وَفتح الْأَسْوَاق ففتحت وَقد كَانَ النَّاس قد أَصْبحُوا على تخوف شَدِيد لما مر بهم فِي اللَّيْل. وَفِيه خلع على الْأَمِير حسام الدّين حُسَيْن بن الكوراني وَالِي مصر وَاسْتقر فِي ولَايَة الْقَاهِرَة عوضا عَن الشريف بكتمر. وأتفق فِي هَذَا الشَّهْر: أَيْضا أَن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُسلم - كَبِير تجار مصر - سَافر للقاء بضائع قدمت لَهُ من الْهِنْد بقوص فأشاع وَلَده فِي النَّاس موت أَبِيه وَعمل عزاهُ وَاجْتمعَ بالسلطان وَسَأَلَهُ أَن يقوم عوض أَبِيه فِي المتجر ووعد بِحمْل خمسين ألف دِينَار فَخلع عَلَيْهِ وَنزل فَأخذ فِي حمل مَا وعد بِهِ حَتَّى أَتَى على مبلغ كَبِير مِنْهُ. فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ذَلِك إِذْ قدم كتاب أَبِيه فِي بعض حاجاته فسر أَهله بحياته

<<  <  ج: ص:  >  >>