سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة فِي أول الْمحرم: خلع على الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن كَلَفت وَاسْتقر حاجباً. وَكَانَت عَادَة الْأَمِير ألجاي أَنه يسكن الْغَوْر من القلعة وَيدخل إِلَى الأشرفية فِي كل يَوْم اثْنَيْنِ وَيَوْم الْخَمِيس وَإِلَيْهِ أُمُور الدولة كلهَا فَلَمَّا مَاتَت زَوجته خوند بركَة أم السُّلْطَان انحطت مَنْزِلَته وتنكر مَا بَينه وَبَين السُّلْطَان بِسَبَب تركتهَا وبلغه عَن السُّلْطَان مَا يكره فَامْتنعَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سادسه من الطُّلُوع للمبيت بالقلعة على عَادَته وَاعْتذر للسُّلْطَان عَن ذَلِك وَأخذ فِي الاستعداد للحرب وَفرق السِّلَاح فِي مماليكه فألبس السُّلْطَان أَيْضا مماليكه وَأمر بدق الكوسات حَرْبِيّا فدقت بعد الْعشَاء من لَيْلَة الْأَرْبَعَاء فَركب الْأُمَرَاء بِالسِّلَاحِ إِلَى القلعة وَبَاتُوا مَعَ السُّلْطَان على حذر حَتَّى طلع نَهَار يَوْم الْأَرْبَعَاء برز الْأَمِير ألجاي من إصطبله فِي جمع موفور من مماليكه وَأَتْبَاعه شاكين فِي السِّلَاح حَتَّى وقفُوا تَحت القلعة وَبعث ليمنع الْأُمَرَاء أَن يخرجُوا من بُيُوتهم فَنزلت إِلَيْهِ المماليك السُّلْطَانِيَّة من بَاب السلسلة وَقد لقيتهم أطلاب الْأُمَرَاء واقتتلوا مَعَ ألجاي قتالاً شَدِيدا كَانَت فِيهِ إِحْدَى عشرَة وقْعَة قتل فِيهَا من الْفَرِيقَيْنِ وجرح كثير مِنْهُم فَانْهَزَمَ ألجاي يُرِيد جِهَة الصليبة فَلَقِيَهُ طلب الْأَمِير طَشْتَمُر الدوادار وَمَال مَعَه عدَّة أطلاب على ألجاي فَمر على وَجهه نَحْو بَاب القرافة والطلب فِي أَثَره حَتَّى أَتَى بركَة الْحَبَش وَمر على الْجَبَل المقطم حَتَّى خرج من جَانب الْجَبَل الْأَحْمَر خَارج الْقَاهِرَة وَنزل قَرِيبا من قبَّة النَّصْر وَقد ضرب لَهُ مخيماه وَاجْتمعَ عَلَيْهِ عدَّة من أَصْحَابه وَبَات لَيْلَة الْخَمِيس فَبعث السُّلْطَان يرغبه فِي الطَّاعَة فَذكر أَنه مَمْلُوك السُّلْطَان وَلم يخرج عَن طَاعَته وَإِنَّمَا يُرِيد بعض الْأُمَرَاء الخاصكية أَن يسلمهم إِلَيْهِ أَو يبرزوا لمحاربته فَمن انتصر كَانَ هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ وَإِلَّا فَإِنَّهُ لَا يَمُوت إِلَّا على ظهر فرسه فَبعث إِلَيْهِ ثَانِيًا يخوفه عَاقِبَة الْبَغي ويعرض عَلَيْهِ أَن يتَخَيَّر من الْبِلَاد الشامية مَا شَاءَ فَلم يُوَافق وترددت الرُّسُل بَينهمَا مرَارًا وَبعث إِلَيْهِ بتشريف نِيَابَة حماة فَقَالَ: لَا أتوجه لذَلِك إِلَّا وَمَعِي جَمِيع مماليكي وقماشي وكل مَا أملكهُ. فَلم يرض السُّلْطَان بذلك واستدعى بالأمير عز الدّين أَيْنَبَك - وَكَانَ فِي جملَة ألجاي - فَأَتَاهُ طايعاً وَالْتزم أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute