للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي أخريات هَذَا الشَّهْر: استجد السُّلْطَان عدَّة خاصكية من مماليكه وأسكنهم فِي بَيت الْأَمِير أنوك بجوار بَاب الدَّار من القلعة وَقدم عَلَيْهِم الطواشي شرف الدّين مُخْتَصّ الأشرفي وَأمره أَن يوقفهم بَين يَدَيْهِ وَلَا يدع أحدا مِنْهُم يجلس فصاروا مضافيه مِنْهُم الْأَمِير بشتاك عبد الْكَرِيم الخاصكي. وَفِي مستهل شهر جُمَادَى الأولى: رسم بِإِبْطَال ضَمَان المغاني والأفراح بِجَمِيعِ أَعمال مصر من أسوان إِلَى الْعَريش وَكَانَ قد أَعَادَهُ وزراء السوء لِكَثْرَة مَا يتَحَصَّل مِنْهُ فَإِن الْعرس مَا كَانَ يتهيأ حَتَّى يغرم أَهله للضامنة خَمْسمِائَة دِرْهَم فَمَا فَوْقهَا بِحَسب حَال أهل الْعرس وَلَا تقدر امْرَأَة وَإِن جلت تنتقش إِلَّا بِإِطْلَاق من الضامنة وَلَا يضْرب بدف فِي عرس أَو ختان أَو نَحْو ذَلِك إِلَّا بِإِطْلَاق وعَلى كل إِطْلَاق فَرِيضَة مَال مقررة فِي الدِّيوَان وَكَانَ على كل مغنية قطيعة تحملهَا إِلَى الضامنة فَإِن باتت فِي غير بَيتهَا قَامَت. بِمَال للضامنة وتدور فِي كل لَيْلَة على بيُوت المغاني جمَاعَة من جِهَة الضامنة لمعْرِفَة من باتت مِنْهُنَّ خَارج بَيتهَا وَكَانَ على البغايا ضَرَائِب مقررة وَأما فِي بِلَاد الصَّعِيد وَالْوَجْه البحري فَإِنَّهُ يفرد حارات للمغاني والبغايا تقوم كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ. بِمَال مُقَرر فَيكون هُنَاكَ من التجاهر بِالزِّنَا وَشرب الْخمر مَا يشنع ذكره حَتَّى لَو مر غَرِيب بِتِلْكَ الْمَوَاضِع من غير أَن يقْصد الزِّنَا لألزم بِأَن يَأْتِي بغيا من تِلْكَ البغايا وَيكرهُ على ذَلِك أَو يفتدى. بِمَال يَدْفَعهُ إِلَيْهَا حَتَّى تقوم بِهِ مِمَّا عَلَيْهَا من الضريبة. وأبطل السُّلْطَان أَيْضا مَا أَعَادَهُ الوزراء من ضَمَان القراريط بأعمال مصر كلهَا فَكَأَن كل أحد من النَّاس - وَلَو جلّ - لَا يقدر أَن يشترى دَارا حَتَّى يُؤْخَذ مِنْهُ عَن كل ألف دِرْهَم من ثمنهَا عشرُون درهما فَمَاذَا أدّى مَا عَلَيْهِ من ذَلِك طبع لَهُ على رق طبع أَحْمَر شبه دَائِرَة وَعلم حولهَا مبَاشر هَذَا الدِّيوَان علاماتهم فَيشْهد بعد ذَلِك الْعُدُول فِي هَذَا الرّقّ بقضية التَّتَابُع وَمَتى لم يكن هَذَا فِي الرّقّ لَا يقدر الْعُدُول وَإِن جلوا عَن كِتَابَة الْمُبَايعَة خوفًا من أَن ينكل النكال بهم الْعَظِيم. وَفِي هَذَا الشَّهْر: كَانَ تَحْويل مغل سنة سبع وَتِسْعين لديوان السنين. وَفِيه كَانَ الْوَفَاء فِي خَامِس عشر مسرى وَبَلغت زِيَادَة النّيل ثَمَانِيَة أَصَابِع من عشْرين ذِرَاعا وَثَبت حَتَّى خيف فَوَات الزَّرْع ثمَّ هَبَط. وعزم الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن آقبغا آص على إِعَادَة ضَمَان المغاني فَغَضب من ذَلِك قاضى الْقُضَاة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن جمَاعَة وَامْتنع من الحكم وَحُضُور دَار

<<  <  ج: ص:  >  >>