للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِي أَمر السُّلْطَان والقائمين بالدولة وَنُودِيَ بِالْقَاهِرَةِ ومصر على السُّلْطَان وتوعد من أخفاه فاضطرب النَّاس وَبَاتُوا لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ على تخوف وقلق شَدِيد فَلَمَّا طلع نَهَار الْإِثْنَيْنِ قبض على مُحَمَّد بن عِيسَى وَسُئِلَ عَن السُّلْطَان فَذكر أَن آخر علمه بِهِ أَنه فَارق الْأُمَرَاء وَمضى هُوَ ويلبغا الناصرى. وَأما السُّلْطَان فَإِنَّهُ لما أَخذ نَحْو الْجَبَل وَمَعَهُ الناصري قعد لحَاجَة وَإِذا بِالْخَيْلِ قد أَتَت إِلَى قبَّة النَّصْر فِي طلبه فاختفي هُوَ والناصرى حَتَّى جنهما اللَّيْل فَخرج بِهِ الناصري وَسَار إِلَى بَيت أستاداره فآواهما وحدثهما بِقِيَام المماليك وَمَا كَانَ مِنْهُم وَذبح الْأُمَرَاء فَاشْتَدَّ خوف السُّلْطَان وَخرج من ليلته. بمفرده من بَيت أستادار الناصري وَقصد بَيت آمِنَة امْرَأَة المشتولى بحارة المحمودية من الْقَاهِرَة وَبَات عِنْدهَا بَقِيَّة لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ وَأصْبح كَذَلِك إِلَى أخر النَّهَار فمضت امْرَأَة وأعلمت القائمين بالدولة بمكانه فَركب الْأَمِير قرطاى فِي عدَّة وافرة وَأتوا بَيت أَمَنَة وقبضوا عَلَيْهَا وأرهبوها فَأَشَارَتْ إِلَى بادهنج الْبَيْت فوجدوا السُّلْطَان قد لبس ثِيَاب النِّسَاء واختفي فِيهِ فَأَخَذُوهُ وألبسوه سِلَاحا وستروا وَجهه وَخَرجُوا بِهِ من بَاب سَعَادَة أحد أَبْوَاب الْقَاهِرَة حَتَّى صعدوا بِهِ قلعة الْجَبَل فتسلمه الْأَمِير أينبك وعاقبه حَتَّى دلهم على ذخائره وجمعوا بَينه وَبَين نَاظر الْخَاص شمس الدّين المقسى حَتَّى تحاققا على الذَّخَائِر وأعادوه إِلَى دَاره ثمَّ استدعوا بِالْقَاضِي صدر الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم المناوى - أحد خلفاء الحكم - فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادسه وأرادوه أَن يثبت وَصِيَّة الْملك الْأَشْرَف فَقَالَ: لابد من إِثْبَات وَفَاته فَدخل إِلَيْهِ مَمْلُوك مِنْهُم اسْمه جركس السيفي - من مماليك ألجاى اليوسفي - وخنقه ثمَّ أدخلُوا إِلَيْهِ جمَاعَة حَتَّى عاينوه مَيتا وعادوا إِلَى القاضى فَشَهِدُوا عِنْده. بِمَوْتِهِ وَأَنه أوصى الْأَمِير عز الدّين أينبك ثمَّ أنعم على جركس هَذَا بإمرة عشرَة وَاسْتقر شاد العماير جَزَاء لَهُ. بِمَا فعله من خنق السُّلْطَان ثمَّ أخذت جثة الْأَشْرَف وَوضعت فِي قفة وخيط عَلَيْهَا بلاس شعر أسود وألقيت فِي بِئْر آخر نَهَار الثُّلَاثَاء الْمَذْكُور فَلَمَّا مَضَت لَهُ أَيَّام ظهر نَتنه فَأخْرجهُ جيران تِلْكَ الْبِئْر فعرفوه ودفنوه بالكيمان الَّتِي بِجَانِب مشْهد السيدة نفيسة فَأتى بعض خدام السُّلْطَان لَيْلًا وَأخرجه من قَبره وَحمله إِلَى تربة أمه خوند بركَة من التبانة وغسله وكفنه وَصلى عَلَيْهِ وَدَفنه بالقبة الَّتِي بهَا. ومولده فِي سنة أَربع وَخمسين وَمُدَّة سلطنته أَربع عشرَة سنة وشهرين وَخَمْسَة عشر

<<  <  ج: ص:  >  >>