للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من دُخُول مَكَّة فَلم يزل الشريف أَحْمد بن عجلَان يتوسط بَين حَاج الْيمن وحاج مصر حَتَّى دخل أهل الْيمن. بمحلهم ووقفوا بِعَرَفَة وَلم تكن فتْنَة بِحَمْد الله فَلَمَّا كسا الْأَمِير قرا دمرداش الْكَعْبَة فِي يَوْم النَّحْر على الْعَادة خرج من مَكَّة عَائِدًا إِلَى مصر. وَفِي سادس عشره: استدعى الْأَمِير الْكَبِير برقوق الْقُضَاة وشيوخ الْعلم وتحدث مَعَهم فِي حل الْأَرَاضِي الْأَوْقَاف على الْجَوَامِع والمساجد والمدارس والخوانك والزوايا والربط وعَلى أَوْلَاد الْمُلُوك والأمراء وَغَيرهم وعَلى الرزق الأحباسية وَكَيف يجوز بيع أَرَاضِي مصر وَالشَّام الخراجية على بَيت المَال وأحضرت أوراق. بِمَا أوقف من بِلَاد مصر وَالشَّام وَبِمَا تملك مِنْهَا - ومبلغها فِي كل سنة مَال كَبِير جدا - فَلَمَّا قُرِئت على من قد حضر من الْأُمَرَاء وَأهل الْعلم قَالَ الْأَمِير برقوق: هَذَا هُوَ الَّذِي أَضْعَف جَيش الْمُسلمين. فَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْبَقَاء: هما جيشان جَيش اللَّيْل وجيش النَّهَار فَأخذ الشَّيْخ أكمل الدّين فِي الْكَلَام مَعَ الأميرين بركَة وبرقوق فِي ذَلِك باللغة التركية حَتَّى غَضبا مِنْهُ فَقَالَ بَعضهم لشيخ الْإِسْلَام سراج الدّين عمر البُلْقِينِيّ لم لَا تَتَكَلَّم فَقَالَ: مَا استفتاني أحد حَتَّى أفتيه. فَأَشَارَ لَهُ الْأَمِير برقوق أَن يتَكَلَّم فطال كَلَامه على عَادَته وَمُلَخَّصه أَن أوقاف الْجَوَامِع والمساجد والمدارس والخوانك الَّتِي هِيَ على عُلَمَاء الشَّرِيعَة وفقهاء الْإِسْلَام وعَلى المؤذنين وأئمة الصَّلَوَات وَنَحْو ذَلِك لَا يحل لأحد أَن يتَعَرَّض بحلها بِوَجْه من الْوُجُوه فَإِن للْمُسلمين حق لم يدْفع إِلَيْهِم وَإِلَّا فانصبوا لنا ديوانا نحاسبه على حَقنا حَتَّى يظْهر لكم أَن مَا نستحقه أَكثر مِمَّا هُوَ مَوْقُوف علينا وَأما مَا وقف على عويشة وفطيمة وَاشْترى من بَيت المَال بحيلة أَن يُؤْخَذ المَال صُورَة ثمَّ يُعَاد فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى أَن ينظر فِي ذَلِك فَإِن كَانَ قد أَخذ بطرِيق شَرْعِي فَلَا سَبِيل إِلَى نقضه وَإِن كَانَ غير ذَلِك نقض. فَقَالَ ابْن أبي الْبَقَاء: يَا أُمَرَاء أَنْتُم أَصْحَاب الشَّوْكَة وَالْأَمر لكم. فَقَالَ لَهُ البُلْقِينِيّ اسْكُتْ مَا أَنْت وَهَذَا. فَسَأَلَ الْأَمِير بركَة والأمير برقوق بن أبي الْبَقَاء من أَيْن يَشْتَرِي السُّلْطَان هَذَا فَقَالَ: الأَرْض كلهَا للسُّلْطَان. فَقَالَ لَهُ الْبَدْر مُحَمَّد بن البُلْقِينِيّ - قَاضِي الْعَسْكَر - كَيفَ تَقول هَذَا من أَيْن للسُّلْطَان ذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ كآحاد النَّاس. فَقَالَ البُلْقِينِيّ: يَا أُمَرَاء أَنْتُم تأمرون الْقُضَاة فَإِن لم يَفْعَلُوا مَا ترسموا بِهِ عزلتموهم كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>