وَقد كَانُوا قبل ذَلِك على النَّصْرَانِيَّة يُرِيدُونَ بارتدادهم التَّقَرُّب إِلَى الْمَسِيح بسفك دِمَائِهِمْ فَعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام مرَارًا فَلم يقبلُوا وَقَالُوا: إِنَّمَا جِئْنَا لنتطهر ونتقرب بنفوسنا إِلَى السَّيِّد الْمَسِيح فَقدم الرِّجَال تَحت شباك الْمدرسَة الصالحية بَين القصرين وضُربت أَعْنَاقهم وَعرض الْإِسْلَام على النِّسَاء فأبين أَن يسلمن فأخذهن القَاضِي الْمَالِكِي إِلَى تَحت القلعة وَضرب أعناقهن فشنّع الْفُقَهَاء على القَاضِي الْمَالِكِي ضرب أَعْنَاق النِّسَاء وأنكروا عَلَيْهِ ذَلِك. وَفِيه قدم أَيْضا بعض رُهْبَان النَّصَارَى وقدح فِي الْإِسْلَام وأصر على قبيحه فَضربت عُنُقه وَكَانَ هُنَاكَ ثَلَاث نسْوَة فرفعن أصواتهن بلقلقة ألسنتهن كَمَا تفعل النِّسَاء عِنْد فرحهن واستبشارا بقتل الراهب وأظهرن شغفا بِهِ وهياما لما جرى لَهُ وصنعن كصنيعه من الْقدح فِي الْإِسْلَام وأردن تطهيرهن بِالسَّيْفِ أَيْضا. ثمَّ ضربت رَقَبَة رَفِيق الراهب فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشرينه تَحت شباك الصالحية وَضربت رِقَاب النسْوَة الثَّلَاث من الْغَد يَوْم السبت ثَالِث عشرينه تَحت القلعة بيد الْأَمِير سودن الشيخوني الْحَاجِب وأحرقت جثثهن بِحكم أَنَّهُنَّ ارتددن عَن الإِسلام وأظهرن أَنَّهُنَّ فعلن هَذَا لعشقهن فِي الراهب الْمَذْكُور. وَكَانَ يعرف بِأبي نفيفة. وَلم نسْمع فِي أَخْبَار العشاق خَبرا أغرب من هَذَا ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك رجل من الأجناد على فرس وَقَالَ للْقَاضِي: طهرني بِالسَّيْفِ فَإِنِّي مُرْتَد عَن الْإِسْلَام فَضرب وسجن. وَفِيه عزم الْأَمِير بركَة على السّفر لمحاربة التركمان وَقد عَاد للكشف عَن أخبارهم بخروجهم عَن الطَّاعَة ثمَّ اقْتضى الرَّأْي أَن يتَوَلَّى محاربتهم الْأَمِير بَيدَمُر الْخَوَارِزْمِيّ فرسم بإحضاره وَخرج الأميران برقوق وبركة وَسَائِر الْأُمَرَاء إِلَى لِقَائِه وترجلوا لَهُ جَمِيعًا حَتَّى الأميران وَأتوا بِهِ إِلَى منزل أعد لَهُ وحملت لَهُ تقادم كَثِيرَة جدا وخلع عَلَيْهِ وَاسْتقر فِي نِيَابَة الشَّام على إِعَادَته عوضا عَن كمشبغا الْحَمَوِيّ وَاسْتقر الْأَمِير طَشْتَمُر السيفي فِي نِيَابَة حماة بعد وَفَاة الْأَمِير حَطَطَ. وَفِيه قتل مُحَمَّد بن مكي دَاعِيَة الرافضة تَحت قلعة دمشق. وَفِيه قطع الْوَزير الملكي معاليم النَّاس ومرتباتهم على الدولة وَمنع مباشري الْجِهَات من الْمُبَاشرَة ظنا مِنْهُ أَنه تمشى أَحْوَاله. بِمَا وفره من ذَلِك فَبلغ الْأَمِير الْكَبِير برقوق مَا عمله فَسَأَلَهُ عَن مِقْدَار مَا وفره فَأخْبرهُ. بمبلغه فَأخْرج عَن الوزارة بلادا يتَحَصَّل مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute