نَائِب الشَّام - بالسلطان وَنقل لَهُ عَن الْخَلِيفَة المتَوَكل على الله أبي عبد الله مُحَمَّد أَنه اتّفق مَعَ الْأَمِير قُرُط بن عمر التركماني والأمير إِبْرَاهِيم بن الْأَمِير قُطْلو أَقتمر العلاي أَمِير جاندار وَجَمَاعَة قرط من التركمان والأكراد وهم نَحْو الثماني مائَة فَارس على أَن السُّلْطَان إِذْ نزل من القلعة إِلَى الميدان فِي يَوْم السبت للعب بالكرة وترجل الْأُمَرَاء والمماليك كلهم وَمَشوا فِي ركاب السُّلْطَان على الْعَادة عِنْد قربه من الميدان خَرجُوا جَمِيعًا وَقتلُوا السُّلْطَان والأمراء وأركبوا الْخَلِيفَة وصعدوا بِهِ إِلَى القلعة ومكنوه من الْقيام بالسلطنة فَإِن عَارضه معَارض فر بِهِ قرط إِلَى الفيوم ودعا عربان الصَّعِيد للْقِيَام بنصرته وَأَن الْخَلِيفَة قد كتب إِلَى بدر الدّين بن سَلام أَن يقوم لَهُ فِي الْبحيرَة بالدعوة. فَحلف السُّلْطَان ابْن تنكز على صِحَة مَا نَقله فَحلف لَهُ. وَالْتزم أَنه يحاققهم على مَا نقل عَنْهُم. فَبعث السُّلْطَان إِلَى الْخَلِيفَة وَإِلَى قرط وَإِبْرَاهِيم بن قطلو أقتمر فأحضرهم إِلَيْهِ واستدعى أَيْضا الْأَمِير سودن النَّائِب وحدثه. بِمَا بلغه عَن الْخَلِيفَة وقرط وَإِبْرَاهِيم فَأخذ يُنكر ذَلِك ويستبعد وُقُوعه مِنْهُم فَأمر السُّلْطَان بِالثَّلَاثَةِ فَحَضَرُوا بَين يَدَيْهِ وَأخذ يذكر لَهُم مَا نقل عَنْهُم فأنكروا إِلَّا قرط فَإِنَّهُ لما اشْتَدَّ عَلَيْهِ السُّلْطَان وَخَافَ تهديده قَالَ: إِن الْخَلِيفَة طلبني وَقَالَ لي هَؤُلَاءِ ظلمَة وَقد استولوا على هَذَا الْأَمِير بِغَيْر رضائي وَأَنِّي لم أقلد برقوق أَمر السلطنة إِلَّا غصبا وَقد أَخذ أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ وَطلب مني أَن أقوم مَعَه لله وأنصر الْحق وأزيل هَذِه الدولة الظالمة. وَالْتزم أَنه يبطل المكَوس جَمِيعهَا وَلَا يفعل إِلَّا الْحق. فأجبته إِلَى ذَلِك ووعدته المساعدة وَأَن أجمع لَهُ ثَمَانِي مائَة فَارس من الأكراد والتركمان وأقوم بأَمْره. فَقَالَ السُّلْطَان للخليفة: مَا قَوْلك فِي هَذَا. فَقَالَ. لَيْسَ لمقاله صِحَة. فَسَأَلَ إِبْرَاهِيم بن قطلو أقتمر عَن ذَلِك فَقَالَ: مَا كنت حَاضرا هَذَا الْأَمر والاتفاق لَكِن الْخَلِيفَة استدعاني إِلَى بَيته بِجَزِيرَة الْفِيل وَأَخْبرنِي بِهَذَا الْكَلَام وَقَالَ لي إِن هَذَا مصلحَة ورغبني فِي مُوَافَقَته وَالْقِيَام لله تَعَالَى ونصرة الْحق. فَأنْكر الْخَلِيفَة مَا قَالَه إِبْرَاهِيم وَأخذ إِبْرَاهِيم يحاققه وَيذكر لَهُ أَمَارَات والخليفة يحلف أَن هَذَا الْكَلَام لَيْسَ لَهُ صِحَة فَاشْتَدَّ حنق السُّلْطَان واستل السَّيْف ليضْرب بِهِ عنق الْخَلِيفَة فَقَامَ الْأَمِير سودن النَّائِب وَحَال بَينه وَبَينه وَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى سكن بعض غَضَبه. فَأمر بقرط وَإِبْرَاهِيم أَن يسمرا واستدعى الْقُضَاة ليفتوه بقتل الْخَلِيفَة فَلم يفتوه بقتْله وَقَامُوا عَنهُ. فَأخذ الْخَلِيفَة وسجن فِي مَوضِع بالقلعة وَهُوَ مُقَيّد. وَسمر قرط وَإِبْرَاهِيم وشهرا فِي الْقَاهِرَة ومصر. ثمَّ أوقفا تَحت القلعة بعد الْعَصْر. فَنزل الْأَمِير أيد كار الْحَاجِب وَسَار بهما ليوسطا خَارج بَاب المحروق من الْقَاهِرَة. وابتدأ بقرط فوسطه. وَقبل أَن يوسط إِبْرَاهِيم جَاءَت عدَّة من المماليك بِأَن الْأُمَرَاء قد شفعوا فِي إِبْرَاهِيم ففكت مَسَامِيرهُ وسجن بخزانة شمايل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute