وفيهَا نقل الْعَادِل أَمْوَاله وذخائره وَأَوْلَاده إِلَى الكرك. وفيهَا أبطل الْملك الْعَادِل ضَمَان الْخمر والقيان. وفيهَا مَاتَ تَقِيّ الدّين اللر شيخ الخانقاه الصلاحية دَار سعيد السُّعَدَاء فِي الْمحرم. وفيهَا مَاتَ ابْن سوروس بن أبي غَالب بطرِيق اليعاقبة فِي يَوْم الْخَمِيس عيد الغطاس سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة للشهداء وَهُوَ الرَّابِع عشر من رَمَضَان وَله فِي البطركية مُدَّة سِتّ وَعشْرين سنة وَأحد عشر شهرا وَثَلَاثَة عشر يَوْمًا وَكَانَ أَولا يتجر إِلَى بِلَاد الْيمن فغرق مرّة وَجَاء الْخَبَر بِأَن لم يسلم سوى بحشاشته وَكَانَ لأَوْلَاد الْجبَاب مَعَه مَال فأيسوا مِنْهُ فَلَمَّا اجْتمع بهم أعلمهم أَن مَالهم سلم فَإِنَّهُ كَانَ قد عمله فِي مَقَابِر من خشب وسمرها فِي المراكب وأحضره إِلَيْهِم فتميز عِنْدهم بذلك حَتَّى مَاتَ البترك مرقص بن زرْعَة فَتحدث ابْن سوروس فِي البتركية للقس أبي يَاسر وَكَانَ مُقيما بالعدوية فَحسن لَهُ بَنو الْجبَاب أَن يقوم هُوَ بِأَمْر البتركية فَتحدث فِي ذَلِك وزكوه فَتَوَلّى وَكَانَ مَعَه يَوْمئِذٍ سَبْعَة عشر ألف دِينَار مصرية فرقها فِي مُدَّة بطركيته على الْفُقَرَاء وأبطل الديارية وَمنع الشرطونية وَلم يَأْكُل فِي ولَايَته كلهَا لأحد من النَّصَارَى خبْزًا وَلَا قبل لصغير وَلَا لكبير مِنْهُم هَدِيَّة وَكَانَ القس دَاوُد بن يوحنا الْمَعْرُوف بِابْن لقلق من أهل الفيوم ملازما للشَّيْخ نشىء الْخلَافَة أبي الْفتُوح بن الميقاط كَاتب الجيوش العادلية وَكَانَ يُسَافر مَعَه وَيصلى بِهِ فَلَمَّا مَاتَ ابْن سوروس سَأَلَ أَبُو الْفتُوح الْملك الْعَادِل أَن يولي القس دَاوُد البتركية فَأَجَابَهُ وَكتب لَهُ توقيعا بذلك من غير أَن يعلم الْملك الْكَامِل فَلم يعجب بعض النَّصَارَى ولَايَة دَاوُد وَقَامَ مِنْهُم رجل يعرف بالأسعد بن صَدَقَة كَاتب دَار التفاح بِمصْر وَجمع كثيرا من النَّصَارَى العصارين بِمصْر وطلع فِي اللَّيْلَة الَّتِي وَقع الِاتِّفَاق على تقدمة القس دَاوُد فِي صبيحتها وَمَعَهُ الْجمع إِلَى تَحت قلعة الْجَبَل واستغاثوا بِالْملكِ الْكَامِل وَقَالُوا: إِن هَذَا الَّذِي يُرِيد أَبُو الْفتُوح يعمله بطركا بِغَيْر أَمرك مَا يصلح وَنحن فِي شريعتنا لَا يقدم البطرك إِلَّا بِاتِّفَاق الْجُمْهُور عَلَيْهِ. فَخرج إِلَيْهِم الْأَمر من عِنْد الْكَامِل بتطييب قُلُوبهم وَفِي سحر النَّهَار ركب القس دَاوُد وَمَعَهُ الأساقفة وعالم كَبِير من النَّصَارَى ليقدموه بكنيسة الْمُعَلقَة بِمصْر وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْأَحَد عيد الزيتونة. فَركب الْملك الْكَامِل إِلَى أَبِيه وعرفه أَن النَّصَارَى لم يتفقوا على بطركية دَاوُد وَلَا يجوز عِنْدهم تقدمته إِلَّا بِاتِّفَاق جمهورهم. فسير الْملك الْعَادِل إِلَى الأساقفة ليحضرهم حَتَّى يتَحَقَّق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute