وَفِي عاشره: بعث السُّلْطَان هَدِيَّة الْأَمِير يلبغا الناصري فِيهَا عدَّة خُيُول بقماش ذهب وقباء واستدعاه ليحضر. فَلَمَّا قدم ذَلِك عَلَيْهِ خشِي أَن يفعل بِهِ كَمَا فعل بالأمير ألطنبغا الجوباني فَكتب يعْتَذر عَن الْحُضُور بحركهَ التركمان ومنطاش وَالْخَوْف على حلب مِنْهُم فَلم يقبل السُّلْطَان عذره وَكثر تخيله مِنْهُ. وَبعث الْأَمِير تلكتمر المحمدي الدوادار إِلَى حلب وعَلى يَده مثالين ليلبغا الناصري وسودُن المظفري أَن يصطلحا بِحَضْرَة الْأُمَرَاء والقضاة. وسير مَعَه خلعتين يلبسانهما بعد صلحهما. وَحمله فِي الْبَاطِن عدَّة ملطفات إِلَى سودن المظفري وَغَيره من الْأُمَرَاء بِقَبض الناصري وَقَتله إِن امْتنع من الصُّلْح. وَكَانَ مَمْلُوك الناصري قد تَأَخّر عَن السّفر ليفرق كتبا من أستاذه على الْأُمَرَاء يَدعُوهُم إِلَى مُوَافَقَته على الثورة بالسلطان. وَأخر السُّلْطَان جَوَاب الناصري الْوَارِد على يَده ليسبقه تلكتمر إِلَى حلب فَبلغ الْمَمْلُوك مَا على يَد تلكتمر من الملطفات وَأخذ الْجَواب وَسَار على الْبَرِيد وجد فِي السُّوق حَتَّى دخل حلب قبل تلكتمر. وَعرف الناصري الْحَال كُله وَيُقَال إِن تلكتمر كَانَ بَينه وَبَين الشَّيْخ حسن - رَأس نوبَة الناصري - مصاهرة فَلَمَّا قرب من حلب بعث يُخبرهُ. بِمَا أَتَى فِيهِ فَتنبه الناصري لما أخبرهُ الشَّيْخ حسن برسالة تلكتمر وَاحْترز لنَفسِهِ. وَخرج حَتَّى لَقِي تلكتمر على الْعَادة وَأخذ مِنْهُ الْمِثَال وَحضر بِهِ إِلَى دَار السَّعَادَة وَقد اجْتمع الْأُمَرَاء والقضاة وَغَيرهم لسَمَاع الْمِثَال السلطاني. وَتَأَخر سودُن المظفري عَن الْحُضُور وَالرسل تستدعيه حَتَّى حضر وَهُوَ لابس آلَة الْحَرْب من تَحت ثِيَابه. فعندما دخل الدهليز جس قازان البرقشي - أَمِير آخور الناصري - كتفه فَوجدَ السِّلَاح وَقَالَ: يَا أَمِير الَّذِي يُرِيد الصُّلْح يدْخل لابس آلَة الْحَرْب. فَسَبهُ المظفري فسل قازان عَلَيْهِ السَّيْف وضربه وأخذته السيوف من الدّين رتبهم الناصري من مماليكه حَتَّى برد فَجرد ممالكيه أَيْضا سيوفهم وقاتلوا مماليك الناصري فَقتل بَينهم أَرْبَعَة. وثارت الْفِتْنَة فَقبض الناصري على حَاجِب الْحجاب وَأَوْلَاد المهمندار وعدة مِمَّن يخافهم وَركب إِلَى القلعة وتسلمها. واستدعى التركمان والعربان وَقدم عَلَيْهِ الْأَمِير منطاش معاونا لَهُ وداخلاً فِي طاعتة. وَبعث تلكتمر إِلَى السُّلْطَان فَقدم فِي خَامِس عشره وَأعلم السُّلْطَان بِخُرُوج الناصري عَن الطَّاعَة وَاجْتمعَ النَّاس مَعَه وَكتب السُّلْطَان فِي سَابِع عشره إِلَى الْأَمِير سيف الدّين أينال اليوسفي أتابك دمشق بنيابة حلب وجهز إِلَيْهِ التشريف والتقليد. وَطلب السُّلْطَان فِي ثامن عشره الْقُضَاة والأعيان وَأهل الدولة من الْأُمَرَاء وَغَيرهم وَحَدَّثَهُمْ بعصيان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute