بن صَلَاح الدّين صَاحب سميساط أَنه يُسلمهُ مَا يَفْتَحهُ من الْبِلَاد فَلم يَفِ كيكاوس بِمَا وعد وَسلم مَا فَتحه لنوابه فتقاعد عَنهُ كثير من النَّاس وأوقع الْعَرَب بطَائفَة من عسكره فَقتلُوا وأسروا مِنْهُم كثيرا ونهبوا لَهُم شَيْئا لَهُ قدر فَرجع إِلَى بِلَاده بِغَيْر طائل. هَذَا والعادل بمرج الصفر فَبينا هُوَ فِي الاهتمام بِأَمْر الفرنج إِذْ ورد عَلَيْهِ الْخَبَر بِأخذ الفرنج برج السلسلة بدمياط فتأوه تأوها شَدِيدا ودق بِيَدِهِ على صَدره أسفا وحزنا وَمرض من سَاعَته فَرَحل من المرج إِلَى عالقين وَقد اشْتَدَّ مَرضه فَمَاتَ فِي سَابِع جُمَادَى الْآخِرَة يَوْم الْخَمِيس فكتم أَصْحَابه مَوته وَقَالُوا: قد أَشَارَ الطَّبِيب بعبور دمشق ليتداوى محمل فِي محفة وَعِنْده خَادِم والطبيب رَاكب بِجَانِب المحفة والشربدار يصلح الْأَشْرِبَة ويحملها إِلَى الْخَادِم ليشربها السُّلْطَان يُوهم النَّاس بذلك أَنه حَيّ إِلَى أَن دخل قلعة دمشق وَصَارَت بهَا الخزائن وَالْحرم وَجَمِيع البيوتات فَأعْلم بِمَوْتِهِ بَعْدَمَا استولى ابْنه الْملك الْمُعظم على جَمِيع أَمْوَاله الَّتِي كَانَت مَعَه وَسَائِر رخته وَثقله وَدَفنه بالقلعة فاختبط النَّاس حَتَّى ركب الْمُعظم وَسكن أَمر النَّاس ونادى فِي الْبَلَد: ترحموا على السُّلْطَان الْملك الْعَادِل وَادعوا لسلطانكم الْملك الْمُعظم أبقاه الله فَبكى النَّاس بكاء كثيرا وَاشْتَدَّ حزنهمْ لفقده. وَكَانَ مولده فِي الْمحرم سنة أَرْبَعِينَ وَقيل سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة بِدِمَشْق وَسمع من السلَفِي وَابْن عَوْف وَعرفت مواقفه فِي جِهَاد الْعَدو بثغر دمياط فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة فِي أَيَّام الْخَلِيفَة العاضد وَفِي مَدِينَة عكا وَملك دمشق فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَكَانَت مُدَّة ملكه لَهَا ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَملك مصر فِي سنة سِتّ وَتِسْعين فَكَانَت مُدَّة ملكه لَهَا تسع عشرَة سنة وشهرا وَاحِدًا وَتِسْعَة عشر يَوْمًا ورزق فِي أَوْلَاده سَعَادَة قَلما يتَّفق مثلهَا لملك فبلعوا تِسْعَة عشر ولدا ذكرا سوى الْبَنَات وهم: الْملك الأوحد نجم الدّين أَيُّوب صَاحب خلاط وَكَانَ قَصِيرا فِي الْغَايَة شهما مقداما سفاكا للدماء مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه وَالْملك الفائز إِبْرَاهِيم وَالْملك المغيث عمر وَقد توفيا أَيْضا فِي حَيَاته وَترك عمر ابْنا سمي بِالْملكِ المغيث وشهاب الدّين مَحْمُود رباه عَمه الْملك الْمُعظم عِيسَى وَالْملك الْجواد شمس الدّين مودود وَمَات فِي حَيَاته أَيْضا وَترك الْملك الْجواد ولدا اسْمه مظفر الدّين يُونُس بن مودود بَقِي عِنْد عَمه الْملك الْكَامِل بِمصْر ثمَّ ملك دمشق وَغَيرهَا وَكَانَ جوادا شجاعا وَالْملك الْكَامِل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute