وفيهَا اسْتَقر الأميران شمس الدّين مُحَمَّد بن الْأَمِير زين الدّين قارا بن مهنا وزين الدّين رقيبة بن الْأَمِير ركن الدّين عمر بن مُوسَى بن مهنا الشهير بعمر المصمع. وَفِي هَذِه السّنة: خرج جمَاعَة من بِلَاد الْمغرب يُرِيدُونَ أَرض مصر لأَدَاء فَرِيضَة الْحَج وَسَارُوا فِي بَحر الْملح فألقتهم الرّيح إِلَى جَزِيرَة صقلية فَأَخذهُم النَّصَارَى وَمَا مَعَهم وَأتوا بهم إِلَى ملك صقلية فأوقفهم بَين يَدَيْهِ وسألهم عَن حَالهم فأخبروه أَنهم خَرجُوا يُرِيدُونَ الْحَج فألقاهم الرّيح إِلَى هُنَا فَقَالَ: أَنْتُم غنيمَة قد ساقكم الله إِلَيّ وَأمر بهم أَن يقيدوا حَتَّى يباعوا ويستخدموا فِي مهنهم وَكَانَ من جُمْلَتهمْ رجل شرِيف فَقَالَ لَهُ على لِسَان ترجمانه: أَيهَا الْملك إِذا قدم عَلَيْك ابْن ملك مَاذَا تَصنع بِهِ قَالَ: أكْرمه قَالَ: وَإِن كَانَ على غير دينك. قَالَ: وَمَا كرامته إِلَّا إِذا كَانَ على غير ديني وَإِلَّا فَأهل ديني وَاجِب كرامتهم قَالَ: فَإِنِّي ابْن أكبر مُلُوك الأَرْض. قَالَ: وَمن أَبوك قَالَ: عَليّ بن أَبى طَالب رضى الله عَنهُ. قَالَ: وَلم لَا. قلت: أَبى مُحَمَّد - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: خشيت أَن تشتموه. قَالَ: لَا نشتمه أبدا. قَالَ: بيَّنْ لي صدق مَا ادعيت بِهِ فَأخْرج لَهُ نسبته - وَكَانَت مَعَه فِي رق - فَأمر بِتَخْلِيَتِهِ وتخلية من مَعَه لسبيلهم وجهزهم. ثمَّ بلغه أَن بعض النَّصَارَى من أجناده بَال على هَذَا الشريف فَأمر بِهِ فَأحرق وَشهر فِي بَلَده. وَنُودِيَ عَلَيْهِ: هَذَا جَزَاء من يشْتم الْمُلُوك فَإِنَّهُ كَانَ شتم أَبَا الشريف وَمَات فِي هَذِه السّنة مِمَّن لَهُ ذكر من الْأَعْيَان سوى من قتل من الْأُمَرَاء: شهَاب الدّين أَحْمد الدَّفري أحد نواب الْقُضَاة الْمَالِكِيَّة بِالْقَاهِرَةِ فِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة. وَمَات شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الدّنيسري الْمَعْرُوف بِابْن الْعَطَّار الشَّاعِر فِي سادس عشْرين ربيع الآخر. وَمَات الْأَمِير الْكَبِير أينال اليوسفي أحد المماليك اليلبغاوية فِي رَابِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة. كَانَ أينال شرس الْأَخْلَاق شجاعاً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute