وفيهَا من المسامير مَا زنة الْوَاحِد مِنْهَا خَمْسَة وَعِشْرُونَ رطلا وَبعث السُّلْطَان إِلَى الْآفَاق سبعين رَسُولا يستنجد أهل الْإِسْلَام على قتال الفرنج ويستحثهم على إنقاذ الْمُسلمين مِنْهُم واغاثتهم ويخوفهم من تغلب الفرنج على مصر فَإِنَّهُ مَتى ملكوها لَا يمْتَنع عَلَيْهِم شَيْء من الممالك بعْدهَا فسارت الرُّسُل فِي شَوَّال فَقدمت النجدات من حماة وحلب إِلَّا أَنه لما قدم على المعسكر موت الْعَادِل وَقع الطمع فِي الْملك الْكَامِل وثار الْعَرَب بنواحي أَرض مصر وَكثر خلافهم وَاشْتَدَّ ضررهم وَاتفقَ مَعَ ذَلِك قيام الْأَمِير عماد الدّين أَحْمد بن الْأَمِير سيف الدّين أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد الهكاري وَالْمَعْرُوف بِابْن المشطوب وَكَانَ أجل الْأُمَرَاء الأكابر وَله لفيف من الأكراد الهكارية ينقادون إِلَيْهِ ويطيعونه مَعَ أَنه كَانَ وافر الْحُرْمَة عِنْد الْمُلُوك معدودا بَينهم كواحد مِنْهُم مَعْرُوفا بعلو الهمة وَكَثْرَة الْجُود وسعة الْكَرم والشجاعة تهابه الْمُلُوك وَله وقائع مَشْهُورَة فِي الْقيام عَلَيْهِم وَلما مَاتَ أَبوهُ وَكَانَت نابلس إقطاعا لَهُ أرصد ثلثهَا السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب لمصَالح الْقُدس وأقطع ابْنه عماد الدّين هَذَا بقيتها فَلم يزل قَائِم الجاه من الْأَيَّام الصلاحية فاتفق عماد الدّين مَعَ جمَاعَة من الأكراد والجند على خلع الْملك الْكَامِل وتمليك أَخِيه الفائز إِبْرَاهِيم ليصير لَهُم التحكم فِي المملكة وَوَافَقَهُ على ذَلِك الْأَمِير عز الدّين الْحميدِي والأمير أَسد الدّين الهكاري والأمير مُجَاهِد الدّين وعدة من الْأُمَرَاء فَلَمَّا بلغ الْكَامِل ذَلِك دخل عَلَيْهِم فَإِذا هم مجتمعون وَبَين أَيْديهم الْمُصحف وهم يحلفُونَ لِأَخِيهِ الفائز فعندما رَأَوْهُ تفَرقُوا فخشي على نَفسه مِنْهُم وَخرج فاتفق قدوم الصاحب صفي الدّين بن شكر من آمد فَإِنَّهُ كَانَ قد استدعاه الْكَامِل بعد موت أَبِيه فَتَلقاهُ الْكَامِل وأكرمه وَأَوْقفهُ على مَا فِيهِ جمَاعَة الْأُمَرَاء فشجعه وَضمن لَهُ تَحْصِيل المَال وتدبير الْأُمُور فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْل ركب الْكَامِل من الْمنزلَة العادلية فِي اللَّيْل جَرِيدَة وَسَار إِلَى أشموم طناح فَنزل بهَا وَأصْبح الْعَسْكَر وَقد فقدوا السُّلْطَان فَركب كل أحد هَوَاهُ وَلم يعرج وَاحِد مِنْهُم على آخر وَتركُوا أثقالهم وخيامهم وَأَمْوَالهمْ وأسلحتهم وَلم يَأْخُذ كل أحد إِلَّا مَا خف حمله فبادر الفرنج عِنْد ذَلِك وعبروا بر دمياط وهم آمنون من غير مُنَازع وَلَا مدافع وَأخذُوا كل مَا كَانَ فِي معسكر الْمُسلمين وَكَانَ شَيْئا لَا يقدر قدره وَذَلِكَ لبضع عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْقعدَة فَكَانَ نزُول الفرنج قبالة دمياط فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي شهر ربيع الأول سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة ونزولهم فِي الْبر الشَّرْقِي حَيْثُ مَدِينَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute