للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البُلْقِينِيّ بِسَبَب يلبغا السالمي وشهاب الدّين أَحْمد الْعَبَّادِيّ - أحد نواب الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بِالْقَاهِرَةِ - وَذَلِكَ أَن عدَّة الصُّوفِيَّة بخانكاه سعيد السُّعَدَاء كَانَت عِنْدَمَا تحدث الْأَمِير سودن النَّائِب فِي نظرها من ابْتِدَاء دولة السُّلْطَان دون الثلاثمائة فتزايدت حَتَّى بلغت نَحْو الْخَمْسمِائَةِ. وَلم يَفِ ريع الْوَقْف بالمصروف فَقطع مَا كَانَ لَهُم من الْحَلْوَى والصابون فِي كل شهر وَمن الْكسْوَة فِي السّنة. فَلَمَّا شَرقَتْ نَاحيَة دهمرو - الْمَوْقُوفَة على الخانقاه - فِي هَذِه السّنة من جملَة مَا شَرق من النواحي لقُصُور النّيل عزم مباشرو الخانقاه على غلق مطبخها ومخبزها من أول شهر رَجَب هَذَا وَقطع مَا للصوفية من الطَّعَام وَاللَّحم وَالْخبْز فِي كل يَوْم فَلم يصبروا على ذَلِك. وتكرر وقوفهم للسُّلْطَان وشكواهم حَتَّى ولي يلبغا السالمي نظر الخانكاه وَشرط عَلَيْهِ إِجْرَاء الْأُمُور فِيهَا على مَا فِي كتاب وَقفهَا من الشُّرُوط فَوجدَ شَرط الْوَاقِف أَن يكون من بهَا من الصُّوفِيَّة أهل السلوك فَإِن تعذر وجودهم كَانَت وَقفا على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَأَفْتَاهُ شيخ الْإِسْلَام بِوُجُوب اتِّبَاع شَرط الْوَاقِف فَجمع الْقُضَاة وَشَيخ الْإِسْلَام بالخانقاه وأحضر سَائِر صوفيتها وَقَرَأَ عَلَيْهِم كتاب الْوَقْف سَأَلَهُمْ فِي الحكم بِالْعَمَلِ بِشَرْط الْوَاقِف فَانْتدبَ لَهُ من جملَة الصُّوفِيَّة زين الدّين أَبُو بكر القمني من فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وشهاب الدّين أَحْمد الْعَبَّادِيّ من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وقضاتهم وأخذا فِي مخاصمته. وَطَالَ النزاع فَأَضْرب عَن قَوْلهمَا وَسَأَلَ الْقُضَاة عَمَّا يفعل. فَقَالُوا كلهم مَعَ شيخ الْإِسْلَام افْعَل شَرط الْوَاقِف وانفضوا. فَقطع من ليلته نَحْو الْخمسين من الصُّوفِيَّة الَّذين يركبون البغلات أَو يلون الْقَضَاء وَالْحكم بَين النَّاس أَو لَهُم شهرة بغناء وسعة مَال وَفِيهِمْ القمني والعبادي فأطلقا ألسنتهما فِيهِ. وَزَاد الْعَبَّادِيّ فِي التَّعَدِّي وَصرح بِأَن السالمي قد كفر وَصَارَ يَقُول فِي الْمجَالِس الْكَافِر يلبغا سالمي استنبطت آيَة من كتاب الله فِيهِ. وَهِي قَوْله تَعَالَى: أم حَسِبَ الَّذين اجتَرَحُوا السيئاتِ أَن يَجعَلَهم كالِذينَ آمَنُوا وَعَمَلُوا الصَّالِحَات سَوَاء وكتبت فِي ذَلِك كراريس وَهَذَا الْكَافِر يلبغا يُرِيد أَن يكون مثل الْفُقَرَاء الصَّالِحين. فَلَمَّا بلغ ذَلِك السالمي لم يحْتَملهُ وشكا الْعَبَّادِيّ للسُّلْطَان. وَنزل من القلعة إِلَى دَاره فَإِذا بالعبادي قد مر فِي شَارِع الْقَاهِرَة فلشدة حنقه مِنْهُ نزل عَن فرسه وَقبض على كم الْعَبَّادِيّ وَدعَاهُ إِلَى الشَّرْع فَزَاد الْعَبَّادِيّ فِي التحامق وَقَالَ: تمسك كمي كفرت فَبَيْنَمَا هما فِي ذَلِك إِذْ مر سعد الدّين نصر الله بن البقري فَنزل عَن فرسه وَمَا زَالَ بهما حَتَّى أخذهما وَمَشى إِلَى الْمدرسَة الحجازية برحبة بَاب الْعِيد وجلسوا بهَا فَأَتَاهُم الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن الطبلاوي. وَأخذ فِي الْإِصْلَاح بَينهمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>