للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البوائك بالآنخاخ ليخفي أَمرهم. فكتم السُّلْطَان الْخَبَر وَأمر الْأَمِير أرسطاي رَأس نوبَة أَن يتَوَجَّه إِلَى دَار الْأَمِير أَلِي باي وَيُعلمهُم أَن السُّلْطَان يدْخل لعيادته. فَلَمَّا أعلم بذلك اطمأنوا ووقف أرسطاي على بَاب إِلَيّ باي ينْتَظر قدوم السُّلْطَان وعندما بعث السُّلْطَان أرسطاي أَمِير الجاويشية بِالسُّكُوتِ وَأخذ الْعِصَابَة السُّلْطَانِيَّة الَّتِي ترفع على رَأس السُّلْطَان فَيعلم بهَا مَكَانَهُ يُرِيد بذلك تعمية خَبره وَسَار إِلَى تَحت الْكَبْش وَهُوَ تجاه دَار أَلِي باي وَالنَّاس من فَوْقه قد اجْتَمعُوا لرؤية السُّلْطَان فصاحت بِهِ امْرَأَة: لَا تدخل فَإِنَّهُم قد لبسوا آلَة الْقِتَال. فحرك فرسه وأسرع فِي الْمَشْي وَمَعَهُ الْأُمَرَاء وَمن وَرَائه المماليك يُرِيد القلعة. وَأما أَلِي باي فَإِن بَابه كَانَ مَرْدُود الفردتين وضبته مطرفة ليمنع من يدْخل حَتَّى يَأْتِي السُّلْطَان فَلَمَّا أَرَادَ الله مر السُّلْطَان حَتَّى تعدى بَابه وَكَانَ فِي طَرِيقه فَلم يعلمُوا بمروره حَتَّى تجاوزهم بِمَا دبره من تَأْخِير العصائب وسكوت الجاويشية. وَخرج أحد أَصْحَاب أَلِي باي يُرِيد فتح الضبة فأغلقها وَالِي أَن يحضر مِفْتَاح الضبة وَيفتح فاتهم السُّلْطَان وَصَارَ بَينهم وَبَينه سد عَظِيم من الجمدارية قد ملأوا الشَّارِع بعرضه. فَخرج أَلِي باي بِمن مَعَه لابسين السِّلَاح وعمدهم نَحْو الْأَرْبَعين فَارِسًا يُرِيد السُّلْطَان وَقد سَاق وَمَعَهُ الْأُمَرَاء حَتَّى دخل بَاب السلسلة وَامْتنع بالإصطبل. فَوقف أَلِي باي تجاه الإصطبل بالرميلة تَحت القلعة وَنزل إِلَيْهِ طَائِفَة من المماليك السُّلْطَانِيَّة لقتاله فَثَبت لَهُم وجرح جمَاعَة وَقتل من السُّلْطَانِيَّة بيسق المصارع ثمَّ انهزم أَلِي باي وتفرق عَنهُ من مَعَه. هَذَا وَقد ارتجت مصر والقاهرة وجفل النَّاس من مَدِينَة مصر وَكَانُوا بهَا للفرجة على الْعَادة فِي يَوْم الْوَفَاء وطلبوا مساكنهم خوفًا من النهابة. وَركب يلبغا الْمَجْنُون وَمَعَهُ مماليكه لابسين بدلة الْقِتَال يُرِيد القلعة. وَاخْتلف النَّاس فِي السُّلْطَان وأرجفوا بقتْله وبفراره وتباينت الْأَقْوَال فِيهِ وَاشْتَدَّ الْخَوْف وَعظم الْأَمر. هَذَا وَقد ألبس السُّلْطَان الْأُمَرَاء والمماليك وَأَتَاهُ من كَانَ غَائِبا مِنْهُم. فعندما طلع الْأَمِير يلبغا الْمَجْنُون إِلَيْهِ ثار بِهِ المماليك السُّلْطَانِيَّة واتهموا بموافقة أَلِي باي لكَونه جَاءَ هُوَ ومماليكه بِآلَة الْقِتَال وخذَه اللكم من كل جِهَة ونزعوا مَا عَلَيْهِ وألقوه إِلَى الأَرْض ليَذْبَحُوهُ فلولا مَا كَانَ من منع السُّلْطَان لَهُم لقتلوه فَلَمَّا كفوا عَن ذبحه سجن بالزردخاناه وَقيد. وَقبض أَيْضا على شاد شراب خاناه أَلِي باي لِأَنَّهُ الَّذِي أثار هَذِه الْفِتْنَة وَقطع قطعا بِالسُّيُوفِ. وَبَات السُّلْطَان بالإصطبل وَقد نهبت الْعَامَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>