يُبَاع السَّبي ووطئ الْجَوَارِي بِملك الْيَمين. وَلَقَد كنت أسمع قَدِيما أَنه يتَوَقَّع لأهل مصر غلاء وجلاء وفناء. فَأَدْرَكنَا ذَلِك كُله فِي سني سِتّ وَسبع وثمان مائَة. وَهلك فِيهَا مَا ينيف على ثُلثي أهل مصر وَدَمرَ أَكثر قراها. وَفِي آخر جُمَادَى الأولى: عز وجود الشّعير فَبلغ إِلَى ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ درهما الأردب. وَبلغ الأردب الفول إِلَى أَرْبَعمِائَة دِرْهَم لِكَثْرَة أكل النَّاس لَهُ وَبيع الرطل البصل بِدِرْهَمَيْنِ والرطل الثوم بِخَمْسَة دَرَاهِم هَذَا مَعَ اخْتِلَاف أهل الدولة وَكَثْرَة تحاسدهم. وَفِي ثامن عشره: قدم الْأَمِير دقماق دمشق وَذَلِكَ أَنه لما فر من حلب اجْتمع هُوَ والأمير جكم بحماة وَكَانَ دمرادش قد أفرج عَن سودن طاز وجكم وَسَار بهما من طرابلس إِلَى حلب وَخرج بهما لقِتَال التركمان فانكسر وفر جكم إِلَى حماة فَاجْتمع بدقماق بَعْدَمَا قتل سودن طاز وصارا فِي جمَاعَة فَبعث السُّلْطَان يخبر دقماق فِي بلد ينزل بهَا فَأحب الْإِقَامَة بِدِمَشْق وَخرج شهر جُمَادَى الأولى أَوله الْجُمُعَة: أهل والفتنة قَائِمَة بَين أُمَرَاء الدولة وَذَلِكَ أَن الْأَمِير يشبك هُوَ زعيم الدولة بِيَدِهِ جَمِيع أمورها من الْولَايَة والعزل والنقض والإبرام. فَإِذا ركب من دَاره إِلَى الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة بالقلعة ركب مَعَه كثير من الْأُمَرَاء والمماليك فيبرم بِالْقصرِ بَين يَدي السُّلْطَان سَائِر مَا يُرِيد إبرامه وينقض مَا يخْتَار نقضه. ثمَّ يقوم وَأهل الدولة عَن آخِرهم فِي خدمته إِلَى دَاره فَيَجْلِسُونَ بَين يَدَيْهِ وَيصرف أُمُور مصر وَالشَّام والحجاز كَمَا يحب ويختار. وَصَارَ لَهُ عصبَة كَبِيرَة فأحبوا عزل الْأَمِير إينال باي ابْن الْأَمِير قجماس ابْن عَم الْملك الظَّاهِر برقوق من وَظِيفَة أَمِير أخور. وَذَلِكَ أَنه اخْتصَّ بالسلطان لأمور مِنْهَا قرَابَته ثمَّ مصاهرته إِيَّاه فَإِنَّهُ تزوج بخوند بيرم ابْنة الْملك الظَّاهِر وَسكن بالإصطبل فَصَارَ السُّلْطَان ينزل إِلَيْهِ وَيُقِيم بدار أُخْته فشق ذَلِك على عصبَة يشبك وأحبوا أَن يكون جركس المصارع أَمِير أخور وانقطعوا عَن حُضُور الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة عدَّة أَيَّام من جُمَادَى الأولى فاستوحش السُّلْطَان مِنْهُم وَتَمَادَى الْحَال إِلَى يَوْم الْجُمُعَة هَذَا. فَتقدم السُّلْطَان إِلَى الْأَمِير أينال باي أَن ينزل إِلَى الْأُمَرَاء ويصالحهم فَمنع جمَاعَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute