بكرَة نَهَار الْأَرْبَعَاء وَنزل السعيدية فَأَتَاهُ كتاب الْأُمَرَاء الثَّلَاثَة شيخ وجكم ويشبك بِأَن سَبَب حركتهم مَا جرى بَين الْأَمِير يشبك والأمير إينال بيه بن قجماس من حَظّ الْأَنْفس حَتَّى توجه يشبك بِمن مَعَه إِلَى الشَّام فَكَانَ بهَا من خراب الْبِلَاد وهلاك الرّعية مَا كَانَ. وطلبوا مِنْهُ أَن يخرج أينال بيه ودمرداش نَائِب حلب من مصر إِلَى الشَّام وَأَن يعْطى لكل من يشبك وَشَيخ وجكم وَمن مَعَهم بِمصْر وَالشَّام مَا يَلِيق بِهِ لتخمد هَذِه الْفِتْنَة باستمرارهم على الطَّاعَة وتحقن الدِّمَاء ويعمر ملك السُّلْطَان. وَإِن لم يكن ذَلِك تلفت أَرْوَاح كَثِيرَة وَخَربَتْ بيُوت عديدة وَقد كَانَ عزمهم الْمُكَاتبَة بِهَذَا من الشَّام لَكِن خَشوا أَن يظنّ بهم الْعَجز فَإِنَّهُ مَا مِنْهُم إِلَّا من جعل الْمَوْت نصب عَيْنَيْهِ. فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث عشره: بَيت الْأُمَرَاء السُّلْطَان وهم فِي نَحْو الثَّلَاثَة آلَاف فَارس وَأَرْبَعمِائَة تركماني من أَصْحَاب قرا يُوسُف فاقتتل الْفَرِيقَانِ قتالاً شَدِيدا من بعد عشَاء الْآخِرَة إِلَى بعد نصف اللَّيْل جرح فِيهِ جمَاعَة وَقتل الْأَمِير صرق صبرا بَين يَدي الْأَمِير شيخ لِأَنَّهُ ولي نِيَابَة الشَّام من السُّلْطَان. وَركب السُّلْطَان وَمَعَهُ الْأَمِير سودن الطيار وسودن الْأَشْقَر هجنا وَسَاقُوا على الْبر تَحت غلس الصُّبْح يُرِيدُونَ القلعة. وَتَفَرَّقَتْ العساكر وَتركُوا أثقالهم وَسَائِر أَمْوَالهم فغنمها الشاميون وَوَقع فِي قبضتهم الْخَلِيفَة وقضاة مصر وَنَحْو من ثَلَاثمِائَة مَمْلُوك والأمير شاهين الأفرم والأمير خير بك نَائِب عزة. وَقدم المنهزمون إِلَى الْقَاهِرَة فِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشره. وَلم يحضر السُّلْطَان وَلَا الْأُمَرَاء الْكِبَار فَكثر الإرجاف وأقيم العزاء فِي بعض الدّور وماج النَّاس وَكثر النهب حَتَّى وصل السُّلْطَان قريب الْعَصْر وَمَعَهُ الْأُمَرَاء إِلَى الْأَمِير أقباي وَقد قاسى من الْعَطش والتعب مَا لَا يُوصف فاستعد وَجمع إِلَيْهِ عساكره. وَفِي يَوْم السبت: سلم الْأَمِير يلبغا السالمي إِلَى الْأَمِير جمال الدّين الأستادار فرسم أَن يكون سعر الذَّهَب والفلوس على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل مناداة السالمي. وَأصْبح فِي يَوْم الْأَحَد: فعاقب السالمي بِالضَّرْبِ المبرح وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشره: حمله مُقَيّدا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فسجن بهَا. وَفِيه زحفت عَسَاكِر الشاميين من الريدانية وَقد نزلُوا بهَا من أمسه وَكثر اضْطِرَاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute