أجَاب نوروز إِلَيْهِ. وَكتب فِي ذَلِك إِلَى جكم فَخرج الحمزاوي يَوْمًا من صفد ليسير فِي برهَا فَسَار شيخ وَأخذ فِي عيبته القلعة فنجا الحمزاوي بِنَفسِهِ وَبَعض أَصْحَابه وَقدم دمشق فِي ثَانِي عشره فَأخذ شيخ جَمِيع مَا كَانَ لَهُ بصفد وَقبض على جماعته. وَنزل دمرداش بغزة فَأخذ نوروز فِي عمَارَة قلعة دمشق ووقف عَلَيْهَا بِنَفسِهِ وَمَعَهُ الْأُمَرَاء والقضاة وَفرض الْأَمْوَال على الْأَرَاضِي فجبي مَالا كَبِيرا وَأخرج الْأَوْقَاف إقطاعات لإصحابه وأقطع الْأَمْلَاك أَيْضا. شهر شعْبَان أَوله الثُّلَاثَاء: فِي رابعه: قبض على الْوَزير المشير فَخر الدّين بن غراب وَسلم إِلَى الْأَمِير جمال الدّين الأستادار ليعاقبه. وَفِي سابعه: اسْتَقر الْأَمِير جمال الدّين فِي وظيفتي الوزارة وَنظر الْخَاص مُضَافا لما بِيَدِهِ. وَكَانَ بن غراب قد قطع فِي شهر رَجَب اللَّحْم الْمُرَتّب على الدولة للمماليك السُّلْطَانِيَّة والأمراء وَأهل الدولة وَصرف لأربابه عَن كل رَطْل لحم درهما وسعره يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة دَرَاهِم الرطل فَخفت كلفة الدولة وَصَارَ الوزراء فِي رَاحَة. وَذَلِكَ أَن اللَّحْم كَانَ ثمنه فِي كل يَوْم زِيَادَة على خمسين ألف دِرْهَم فَنزل بِالنَّاسِ من أجلهَا أَنْوَاع من الْبلَاء ويمر بالوزير من القباض - إِذا تَأَخَّرت - إهانة لَا تُوصَف وَيحْتَاج فِي هَذَا إِلَى مصادرات النَّاس وَأخذ الْأَمْوَال بأنواع الظُّلم وَلذَلِك كَانَ الوزراء يعجزون عَن سد الوزارة فَمنهمْ من يختفي وَمِنْهُم من يستعفي وَمِنْهُم من ينكب. وَكَانَ ثمن هَذَا اللَّحْم يُقَال لَهُ النقدة وَالَّذين يقضونه من الْوَزير يُقَال لَهُم المعاملون وَلَهُم سلاطة فَإِذا أحيلوا على أحد استخصوا مِنْهُ بِأَيْدِيهِم فَإِن تعاسر عَلَيْهِم نهبوا دَاره أَو حانوته. وَإِذا لم يجد الْوَزير سَبِيلا إِلَى إعطائهم تِلْكَ اللَّيْلَة ثمن اللَّحْم وَلَا أحالهم على أحد أسمعوه مَا يكره ومدوا أَيْديهم إِلَى مَا يجدوه تَحْتَهُ من فرَاش أَو عِنْده من شَيْء وأخذوه فَزَالَ عَن النَّاس عَامَّة وَعَن الوزراء خَاصَّة بترك صرف لحم الرَّاتِب وتعويض أربابه عَنهُ مَالا بلَاء عَظِيم. وَصَارَ الْوَزير بَعْدَمَا كَانَ يحْتَاج إِلَى النقدة فِي كل لَيْلَة وَلَا يقدر أَن ينَام حَتَّى يَدْفَعهَا إِلَى المعاملين أَو يوزعها على من يحيلهم عَلَيْهِم قد أَمن فَإِنَّهُ لَا يصرف مِمَّن ذَلِك لأربابه إِلَّا من الشَّهْر إِلَى الشَّهْر. وَمَعَ هَذَا فَيعْطى فِي الدِّرْهَم سدسه أَو سبعه وَاسْتمرّ الْأَمر على هَذَا. وَفِي خَامِس عشره: نُودي على المثقال الذَّهَب بِمِائَة وَعشْرين درهما وعَلى الدِّينَار الإفرنتي بِمِائَة دِرْهَم، بعد مائَة وَخَمْسَة وَثَلَاثِينَ، فتوقفت الْأَحْوَال.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute