للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَنُودِيَ عَلَيْهِمَا فِي الْقَاهِرَة ثمَّ علقا على بَاب زويلة وَنُودِيَ بالزينة فزينت الْقَاهِرَة ومصر وَقدم كتاب الْأَمِير شيخ يحث على سرعَة حَرَكَة السُّلْطَان إِلَى الشَّام. وَفِي يَوْم السبت تَاسِع عشره: ضربت خيمة السُّلْطَان تجاه مَسْجِد التبر خَارج الْقَاهِرَة فتأهب الْعَسْكَر للسَّفر. وَفِي يَوْم الْأَحَد عشرينه: درس نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين عمر بن العديم الْحلَبِي الْحَنَفِيّ بِالْمَدْرَسَةِ المنصورية بَين القصرين وَهُوَ شَاب إِمَّا بلغ الْحلم أَو لم يبلغ. فَحَضَرَ مَعَه الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء والأمير يشبك والأمير تمراز والأمير تغري بردى وَقد زوجه بابنته وَبني عَلَيْهَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ففخم أمره بمصاهرة الْأَمِير تغري بردى. وَوجد بذلك أَبوهُ سَبِيلا إِلَى تَقْدِيمه للتدريس مَعَ صغر سنه وخلو وَجهه من الشّعْر جملَة. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشرينه: قدم الْمحمل بالحاج مَعَ الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد ابْن الْأَمِير جمال الدّين الأستادار وَقد توجه بِهِ وَعمل أَمِير الْحَاج مَعَ صغر سنه. وَلَعَلَّه لم يبلغ عشرَة سنة فَسَار بجاه أَبِيه. وتمشت لَهُ الْأَحْوَال مَعَ هوجه وسخفه. وَحدث فِي الْحَاج مَا لم يعْهَد وَهُوَ أَنهم عِنْد رحيلهم من بركَة الْحجَّاج فِي شَوَّال وقف الْأَمِير جمال الدّين وَقد خرج لوداع وَلَده حَتَّى رتبهم ليسيروا ذَهَابًا وإياباً قطارين متحاذيين لَا غير وَجعل الْحَاج نَاسا بعد نَاس فاستمر هَذَا وَلم يتَغَيَّر. وَكَانَ الْحَاج يَسِيرُونَ كَيفَ شَاءُوا فَإِذا وصلوا إِلَى مضيق وقف أَمِير الْحَاج بِنَفسِهِ وعقبهم فَسَارُوا قطاراً أَو قطارين بِحَسب الْحَال حَتَّى يخلصوا من الْمضيق بِغَيْر قتال فيسيروا كَيفَ شَاءُوا ثمَّ لما تَغَيَّرت الْأَحْوَال وَولي الْأُمُور غير أَهلهَا قلت عناية أُمَرَاء الْحَاج بِمَا ذكرنَا فَصَارَ النَّاس فِي المضايق يقْضِي بهم الْحَال إِلَى الْقِتَال وإسالة الدِّمَاء وَكسر الْأَعْضَاء وَغَلَبَة الأقوياء على الضُّعَفَاء. ثمَّ لما ولي الْأَمِير كزل العجمي الْحَاجِب إِمَارَة الْحَاج فِيمَا تقدم جبى من الْحَاج مَالا كثيرا حَتَّى عقبهم فِي المضايق فقصد الْأَمِير جمال الدّين بِمَا فعله خيرا فَكَانَ فِيهِ خير من وَجه وَشر من وَجه أما خَيره فراحة النَّاس من الازدحام فِي المضايق. وَأما شَره فَإِن الأقوياء والأعيان يَسِيرُونَ أَولا فأولاً. وضعفاء النَّاس لَا يزالون فِي الأعقاب. فَإِذا نزلُوا لَا تقدم السَّاقَة حَتَّى يرحل من تقدم فيسيرون طول سيرهم فِي عناء. وَأحسن من ذَلِك مَا أدركنا النَّاس عَلَيْهِ فِي تعقيبهم عِنْد المضايق من غير غَلَبَة وَلَا قتال. وَاسْتمرّ مَا رتبه الْأَمِير جمال الدّين فِي كل عَام.

<<  <  ج: ص:  >  >>