للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاس. وَكثر قلق السُّلْطَان وخوفه طول اللَّيْل إِلَى أَن طلع الْفجْر رَحل إِلَى جِهَة دمشق. وَسبب ذَلِك أَن الْأَمِير أقبغا دوادار يشبك - وَهُوَ يَوْمئِذٍ من جملَة دوادارية السُّلْطَان - قَالَ لكاتب السِّرّ فتح الدّين فتح الله - وَقد خرج مَعَه من خدمَة السُّلْطَان بالمخيم - أَن الْأَمِير عَلان والأمير أينال المنقار والأمير سودن بقجة قد عزموا على الرّكُوب فِي هَذِه اللَّيْلَة على السُّلْطَان وَمَعَهُمْ عدَّة من المماليك السُّلْطَانِيَّة. فَأخذ فتح الله بيد أقبغا وَعَاد بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَأمره أَن يُعلمهُ بِمَا حَدثهُ بِهِ فَاعْلَم السُّلْطَان الْخَبَر سرا فِيمَا بَينه وَبَينه. فاستدعي الْأَمِير جمال الدّين الأستادار وَأمر أقبغا فحدثه الحَدِيث وَذَلِكَ أَنه لم يكن حِينَئِذٍ السُّلْطَان يَثِق بِأحد وَلَا يعْتَمد عَلَيْهِ. كثقته بكاتب السِّرّ فتح الله وأستاداره جمال الدّين فاستشارهما فِيمَا يعْمل فدار الرَّأْي بَين السُّلْطَان وَبَينهمَا وَبَين أقبغا من غير أَن يعلم ذَلِك أحد حَتَّى اسْتَقر رَأْيهمْ على أَن السُّلْطَان يَسْتَدْعِي وَفِي وَقت الْمغرب بعلان وأينال المنقار إِلَى عِنْده وَيقبض عَلَيْهِمَا وَيكون جمال الدّين قد ركب فِي جماعته إِلَى ظَاهر الْعَسْكَر من جِهَة الشَّام لأخذ من عساه يفر من المماليك إِلَى جِهَة الْأَمِير شيخ وَقَامُوا من عِنْد السُّلْطَان على هَذَا فغدر جمال الدّين وَبعث إِلَى عَلان وأينال المنقار وسودن بمجة والأمير تمراز الناصري نَائِب السلطة - وَكَانَ قد خرج من مصر وَهُوَ أرمد - يسير فِي المحفه فأعلمهم بِالْخَيرِ وَبعث إِلَيْهِم بِمَال كَبِير لَهُم وللأمير شيخ نَائِب الشَّام فَمَا هُوَ إِلَّا أَن غربت الشَّمْس ركب تمراز وسودن بقجة وأينال المنقار وقرا يشبك وسودن الْحِمصِي وعدة مماليك سلطانية يتَجَاوَز عَددهمْ الْمِائَة وسروا إِلَى جِهَة الشَّام يُرِيدُونَ الْأَمِير شيخ حَتَّى لَحِقُوا بِهِ فاختبط الْعَسْكَر وَاشْتَدَّ قلق السُّلْطَان وَطلب السُّلْطَان جمال الدّين وَفتح الله لِثِقَتِهِ بهما - وَلَا علم لَهُ بِشَيْء مِمَّا فعله جمال الدّين - فَأَشَارَ عَلَيْهِ فتح الله بالثبات وَأَشَارَ جمال الدّين بركوبه لَيْلًا وَعوده إِلَى مصر يُرِيد بذلك إِفْسَاد حَال السُّلْطَان فنازعه فتح الله وخاصة السُّلْطَان وَمَا زَالُوا بالسلطان يثبتونه حَتَّى طلع النَّهَار فَسَار يُرِيد دمشق. وَفِي ثَانِيه: نُودي بِدِمَشْق فِي النَّاس بقدوم السُّلْطَان فَخَرجُوا إِلَى لِقَائِه. وَفِيه ورد الْخَبَر على السُّلْطَان برحيل الْأَمِير شيخ عَن دمشق إِلَى جِهَة بصرى. وَفِي لَيْلَة الْخَمِيس سادسه: نزل السُّلْطَان الْكسْوَة ففر الْأَمِير عَلان وَجَمَاعَة من المماليك إِلَى جِهَة الْأَمِير شيخ. فَركب السُّلْطَان بكرَة يَوْم الْخَمِيس وَدخل دمشق وَنزل بدار السَّعَادَة. وَنزل الْأُمَرَاء فِي أماكنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>